نريد أن نشقَّ طريقنا لنصنع التغيير، ونأمل أن تغييراً قادماً سيحدث، ونسعى لأن نكون جزءاً منه، لكن كيف نفعل ذلك؟ ماهي أدواتنا في الطريق؟ وكيف نستطيع التأكد فعلاً أننا نسير وفق ما نريد وليس وفق ما تسير بنا الظروف وتحملنا الأزمات والمشكلات؟
ما نجهله، ربما في هذه الأوقات، أننا نعيش في اضطراب كبير، يُفرض فيه التغيير أو (التقلب) فرضاً في جميع الاتجاهات وبشكل غير واعٍ نحاول فهمه في كل مرة ولا يلبث أن يتغير، إننا لا نكاد نعرف من نحن أمام هذه التقلبات الهائلة التي نعيشها بعد ركود واستقرار طويل كان يسهل علينا فيه ألّا نفكر في هذا السؤال أصلاً، لنكتفي بالقول: إننا ما نحن عليه، أو إن الوقت لم يحن لنحدد من نكون.
إن أولى خطوات التغيير هي أن نعرّف الحالة التي نعيشها، والظرف الذي نريد أن يخضع للتغيّر، هذا التعريف الأولي الذي لا بدَّ أن يكون وصفاً دقيقاً، وشرحاً مفصلاً هو من سيقودنا في عملية التغيير التي ننشدها، حيث سنحدد فيما بعد ما الذي نريد تغييره، وما هو الشيء الذي لا يخضع لمنطق التغيير، والذي وجوده سيحمي عملية التغيير التي ننشدها في الأجزاء الأخرى من التوقف. ليتغير هو في النهاية في مرحلة أخرى.
من المهم جداً أن نعي الواقع الذي نعيشه، ولا نطالبه بأكثر ممَّا يقدر عليه، لكيلا يورثنا شعوراً دائماً بالفشل، فحساب الممكنات، والفرص، وتناسبها مع حجم التغيير المفترض في كل مرحلة من مراحله مهم جداً، فلا يمكن أن نتوقع مثلاً من معركة لم تحقق نصرها بعدُ أن تبدأ في حصد ثمارها، ومن الجنون أن نستشعر الشفاء ولم نخضع للعلاج اللازم والكامل كمّاً وزمناً، إننا في لحظات الغرق لا نفكر بتغيير منسوب المياه أو اتجاهها، بل نفكر في كيفية النجاة.
علينا أن نكون أكثر وعياً لِما نريد، فلا ننشد المثل في زمن الحرب، ولا التنظيم في زمن الفوضى، ولا العدالة في مجتمع الظالمين، يجب أن نعمل من أجل ذلك، دون أن نتوقع حدوثه بسرعة، ودون أن نرضى ببقائه، إننا نضع أساس ما سنبنيه فيما بعد، ونصلح ما يمكن إصلاحه، إننا ننشد المثل بعد الحرب، والتنظيم بعد الفوضى، والعدالة بعد تأسيس العدل والمحاسبة والقضاء على مجتمع الظالمين.
المدير العام | أحمد وديع العبسي