من جهته، اعتبر إيرواني أن “إيران وروسيا ستواصلان التعاون لتعزيز قوى الجيش السوري في محاربة الإرهاب، وأن إيران تولي الحوار السوري السوري أهمية خاصة، وتدعم أي جهود تصب في هذا الإطار”، مشيراً إلى أن “تعاون ومواقف إيران وروسيا إثبات لانعدام تأثير الإجراءات السلبية التي تتبعها إسرائيل على التعاون بين البلدين”. واعتبر أن “الإنجازات الأخيرة في جنوب سورية خطوة فعالة في تقدم العملية السياسية في إطار مباحثات أستانة وسوتشي”.
في هذا الوقت، أنجزت عملية “هندسة ديمغرافية”، خططت لها إيران على الضفة الأخرى، عبر ترحيل ما تبقى من سكان ومقاتلي بلدتي كفريا والفوعة، المواليتين للنظام، من محافظة إدلب الخاضعة لسيطرة المعارضة، تطبيقاً لتفاهم روسي تركي، نفذه على الأرض كل من النظام و”هيئة تحرير الشام”، (التي تشكل جبهة النصرة عمودها الفقري)، وهو الأمر الذي حرر النظام من معضلة وجود “رهائن” لدى “النصرة”، التي كانت تحاصر البلدتين، ويفتح الطريق أمام قواته لارتكاب المجازر بإدلب.
وقالت مصادر متطابقة إن الاتفاق الذي توصل إليه النظام وروسيا مع فصائل المعارضة، خلال لقاءات جرت في بلدة سعسع في القنيطرة، ينص على خروج مقاتلي الفصائل الرافضين للتسوية إلى إدلب وتسوية أوضاع الراغبين بالبقاء، وعودة قوات النظام إلى النقاط التي كانت فيها قبل العام 2011، بموجب اتفاق فك الاشتباك مع إسرائيل في العام 1974. وحسب ما تسرب من نصوص الاتفاق، فإنه يتضمن نقاطاً محددة، تشمل وقف إطلاق نار شامل وفوري على جميع الجبهات، وتسليم السلاح الثقيل والمتوسط على مراحل، ودخول الشرطة العسكرية الروسية إلى بلدات وقرى القنيطرة، وإعادة المهجرين إلى مناطقهم، بضمانات روسية، على أن تستثنى من ذلك المناطق غير الصالحة للسكن بسبب القصف والدمار في بنيتها التحتية، وعودة قوات النظام إلى مناطق اتفاقية 1974، المنزوعة السلاح، وفق الوضع السابق، مع عودة قوات المراقبة الدولية (أندوف) لنقاطها القديمة، وتسوية أوضاع المتخلفين والمنشقين عن الجيش ما بين تسريح وتأجيل، وفتح باب التهجير باتجاه الشمال السوري لمن لا يقبل بهذا الاتفاق، وتشكيل لجنة لمتابعة ملف المعتقلين، وعودة الموظفين المفصولين إلى وظائفهم وتسوية أوضاعهم.
وكان اللافت هو بند ينص على حرية التعبير عبر الوسائل المشروعة والمتاحة من دون ملاحقة أمنية، وهذه المرة الأولى التي يلحظ فيها مثل هذا البند في الاتفاقات المشابهة.
وقالت بعض المصادر إن الاتفاق يشمل مبدئياً جميع مناطق المحافظة، لكن ما زالت هناك إشكالات في المناطق الخاضعة لسيطرة “هيئة تحرير الشام” التي اشترطت أن يصطحب مقاتلوها المرحلون إلى الشمال السوري أسلحتهم المتوسطة، وأن يسمح لهم الخروج بسياراتهم الخاصة.
وأوضحت المصادر، لـ”العربي الجديد”، أن النظام وروسيا وافقا على هذه الطلبات شرط أن تعيد “هيئة تحرير الشام” جثامين القتلى من قوات النظام والمليشيات الذين سقطوا خلال سيطرة “جبهة النصرة” على مطار أبو الظهور في سبتمبر/ أيلول 2015.
وشكك المصدر بصحة ما سربته بعض وسائل إعلام النظام من أن بعض المجموعات المسلحة المحلية “المدعومة من إسرائيل” لن ينزع سلاحها، مثل “لواء فرسان الجولان”، وستظل ترابط في المنطقة العازلة على حدود الجولان المحتل، مشيراً إلى أن بعض المجموعات الصغيرة ستعود إلى مناطقها، مثل “ألوية الفرقان” ومعظم مقاتليها من كناكر بريف دمشق، و”ألوية الفرسان” ومعظم مقاتليها من بلدة دير ماكر بريف دمشق أيضاً.
وأوضح المصدر أن التوصل إلى اتفاق تخللته تهديدات متكررة من النظام وروسيا بدخول المنطقة عسكرياً في حال عدم التوصل إلى اتفاق في وقت سريع. وكان الطيران الحربي السوري والروسي قد بدأ بشن هجمات على مناطق في محافظة القنيطرة، منذ الإثنين الماضي، تعتبر الأولى من نوعها منذ أكثر من عام.
وتنشط عدة فصائل معارضة في ريف القنيطرة، منها “هيئة تحرير الشام”، و”حركة أحرار الشام الإسلامية”، و”الفرقة 404″، و”ألوية صلاح الدين”، و”الفرقة الأولى مشاة”، و”لواء شهداء القنيطرة”، و”ألوية الفرقان”.
وجاء وصول قوات النظام إلى القنيطرة بعد تمكنها من السيطرة على معظم محافظة درعا المجاورة عبر “اتفاقات المصالحة”، بمساعدة روسيا، في ظل تفاهم روسي ــ أميركي ــ إسرائيلي على عودة قوات النظام إلى الحدود مع الجولان المحتل، مقابل إخراج أو إبعاد إيران ومليشياتها عن تلك الحدود، وهو ما يعني عملياً سيطرة النظام على كامل الجنوب السوري.
في هذا الوقت، تتجه الأنظار نحو محافظة إدلب في الشمال، والمناطق الشرقية التي تسيطر عليها المليشيات الكردية، والتي أعلنت بالفعل أنها تجري مفاوضات مع النظام لتسليمه بعض المناطق التي تسيطر عليها، ومنها سد الفرات. ورغم هذا الاتفاق، والتطمينات التي قدمت للأهالي بشأن عودتهم الآمنة إلى مناطقهم، ارتكبت قوات النظام مجزرة جديدة، أمس الخميس، بحق النازحين العائدين من القنيطرة إلى مدينة نوى بريف درعا الشمالي.
وقالت مصادر محلية، لـ”العربي الجديد”، إن طوافات النظام ألقت براميل متفجرة على موكب النازحين العائدين خلال مرورهم في بلدة الناصرية، وأتبعت ذلك بقصف براجمات الصواريخ والمدفعية، ما أوقع العشرات بين قتيل وجريح. وكانت قوات النظام شنت حملة قصف عنيفة على مدينة نوى، قتلت وجرحت خلالها عشرات المدنيين، إضافة إلى خروج مركز الدفاع المدني عن الخدمة، قبل التوصل إلى اتفاق مع ممثلي المدينة، أول من أمس.
المصدر: العربي الجديد