بدأ مزارعو أشجار الفستق الحلبي في ريفي حماة الشمالي وإدلب الجنوبي بجني محاصيلهم الوافرة بسبب الهطولات الجيدة من الأمطار هذا العام، إضافة إلى أنها شجرة (معاومة) أي تثمر عام وتستريح عامًا وهذا العام هو عام الإنتاج، ويعتمد غالبية سكان هذه المناطق على مردود تلك الزراعة في معيشتهم، حيث تبلغ مساحة الأراضي المزروعة بأشجار الفستق الحلبي في ريفي حماة وإدلب 9 آلاف هكتار، 4 آلاف منها في مورك وحدها بريف حماة الشمالي، كما يبلغ عدد الأشجار المزروعة فيهما1350000 تقريبًا منها 800 ألف شجرة في مورك وفق إحصائيات 2010.
تتميز شجرة الفستق الحلبي بأنها من الأشجار الحراجية التي تتحمل ارتفاع درجات الحرارة وتحتاج ما يعادل 500 ملم من المطر سنويًّا لتكون منتجة ورابحة وتنجح الشجرة في التربة الكلسية، تبدأ الشجرة بالإنتاج في عمر الـــ 10 سنوات بشكل خفيف، ويصبح إنتاجها جيدًا في عمر 15 سنة، وهي من الأشجار المعمرة، ففي القلمون أشجار تجاوز عمرها 200 سنة.
في لقاء لصحيفة حبر مع المهندس الزراعي “عدنان البكري” مشرف سابق في منظمة الفاو، وحاليًا مشرف متابع على بعض حقول الفستق الحلبي في التمانعة بريف إدلب الجنوبي أوضح أن مزارعي أشجار الفستق الحلبي يواجهون عدة صعوبات أهمها إصابة الأشجار بالآفات الحشرية، وحشرة الكابنودس أكثرها خطورة، حيث تعيش يرقتها ضمن الجذور فتقضي على الشجرة خلال عام أو أكثر، والمشكلة الثانية هي عدم توافر المبيدات الحشرية المناسبة للقضاء على تلك الآفات، فمعظم المبيدات المنتشرة في الأسواق صينية وقد لا تعالج الأشجار بالشكل المناسب، حيث غابت من الأسواق كثير من المبيدات من شركات معروفة، كما يواجه المزارعون مشاكل في تأخر السقاية إما بسبب ارتفاع أسعار المحروقات أو انقطاعها في بعض الأحيان بسبب القصف أو الاقتتال.
عوائق وصعوبات كثيرة لم تتمكن المجالس المحلية من إيجاد حلول جذرية لها لعدم توفر الإمكانيات والدعم من قبل الجمعيات أو المنظمات.
وأضاف البكري أن قطاف الفستق الحلبي يبدأ اعتبارًا من منتصف تموز ولمدة 25 يوم تقريبًا، حيث يتم تسويق (العجر) خلال هذه الفترة بعد تقشيره وتنشيفه ومن ثم تكسيره ليستخدم في تصنيع البوظة والحلويات، حيث يتميز هذا اللب بطعمه ورائحته ولونه الأخضر الفاتح، ثم يتم الانقطاع عن القطاف لتبدأ المرحلة الثانية بعد منتصف شهر آب، حيث يتم تسويق الفستق الناضج ذي اللون الأحمر الزاهي ويستمر حتى منتصف أيلول.
يعدُّ الفستق الحلبي من أشهر المكسرات في العالم، ويتميّز بقيمته الغذائيّة العالية الغنيّة بالعناصر المعدنيّة، والفيتامينات، والأملاح كالفسفور، والبوتاسيوم، وكذلك الصوديوم، فضلاً عن احتوائه على الألياف والبروتينات والنشاء ونسبة عالية من الماء.
تستخدم قشور الفستق الحلبي الخارجية سمادًا للأراضي الزراعية، أما الداخلية الصلبة فتستخدم للتدفئة في الشتاء في مدافئ خاصة انتشرت مؤخرًا في المناطق المحررة، حيث يعدُّ صديقًا للبيئة مقارنة مع غيره من المحروقات.
وأشار البكري أن هناك أصناف كثيرة للفستق الحلبي في سورية تصل إلى 50 نوع منها العاشوري والبياضي والحلبي وناب الجمل والبندقي والعاشوري الأبيض والعجمي والعليمي وأبو ريحة والباتوري ورأس الخروف، لكن العاشوري أجودها وأشهرها، حيث يتميز هذا النوع بطعمه الرائع ولونه الأحمر الزاهي وتشقق ثمرته وغلاء سعره، وهو النوع المخصص للتصدير.
تراجع وتيرة القصف عن مدينة مورك الأكثر إنتاجًا للفستق ووضع نقطة مراقبة تركية شرقها أسهم في عودة الأهالي والمزارعين إلى أراضيهم، حيث بدأوا بإعادة ترميم المحال التجارية في سوق الفستق استعدادًا لافتتاحه هذا العام، لأنه السوق الأكبر في سورية.
“محمد صبيح” أحد مالكي أشجار الفستق قال: “الإنتاج وفير والأسعار لا تتناسب مع التكاليف والمجهود، وقد وصل سعر الكيلو بقشره من 850 حتى 1000 ل.س، أما المقشور فسعره ما يقارب 2600 ل.س.”
أما عن تسويقه فثمة صعوبات أيضًا تواجه التجار أبرزها الاعتقالات والنهب على الحواجز المنتشرة في مناطق النظام، ولا أسواق لتصديره إلا عن طريقه، حيث إنه يفرض على التجار ضرائب كبيرة تؤدي إلى خسارة التاجر والمزارع، الأمر الذي يدفع غالبيتهم لتصديره داخل المناطق المحررة، ولعل وفرة الإنتاج والاستقرار في المنطقة هذا العام تُبشر بمبيعات وتصدير أفضل.