بقلم : بيبرس الأرمنازيقبل أربع سنوات من الآن كانت الفيضانات العارمة في نفوس الشعب السوري تبحث عن مجراها وعن طريق تعبر به عن فورانها، والعقول السليمة تتساءل متى ينتفض المظلوم على جلاده ومتى تتفجر الثورة لتعاد الحقوق إلى أصحابها؟إن ثورة الشعب السوري أمر واقع وسنة معروفة، فكما أن الليل يعقبه النهار، وكما أن الدمعة تعقبها البسمة، فلا بد أن يعقب الظلم انتفاضة وثورة، فهي نتيجة سنوات من القهر والظلم والعذاب والفساد الذي امتدت جذوره إلى جميع مفاصل الدولة بعد أن اغتصبتها عصابة كان يترأسها ضابط نصيري لم يعرف في حياته غير المكر والقتل، فاستغل الظروف بعد حرب حزيران 1967م ليمسك بزمام الأمور، فانتهى الأمر بالقروي الذي ورث الخيانة من أبيه وجده أن أصبح رئيسًا لسورية، فحولها إلى بقرة حلوب تدر لأسرته ما لم يحلموا به يومًا.وبعد أن سرق البلاد أذل العباد وامتلأت السجون بالمعتقلين من أبناء المسلمين، وفاضت الدموع من عيون المظلومين والمقهورين، وأعلنت الدولة الأسدية حربها على كل من يعارضها وعلى الإسلام الذي وقف عائقًا في طريقها، واتبعت سياسة جديدة لتجهيل الشباب وإفسادهم، فامتلأت البلاد ببيوت الفحش والبغاء وأماكن اللهو والفجور وبيع الخمور، وتحولت أرض الشام إلى ملهى لكل من يريد أن يعصي ربه ويجاهر بالمعصية.ومن منجزات القائد الخالد في جهنم، المقبور غير المأسوف عليه أقبية وسجونٌ لم تعرف الشمس ولم تدخلها الرحمة، وفي سجن تدمر قصص تشيب لها شعور الأطفال، ولقد قتل في المعتقلات الكثير من خيرة الشباب السوري وأكثرهم من الأطباء والمهندسين والمعلمين والعلماء، واغتصبت النساء أمام الآباء والأبناء والأزواج، وسفكت الدماء وكأنها ماء لا قيمة له، ولقد صرح المجرم مصطفى طلاس وزير الدفاع آنذاك أنه كان يصادق أسبوعيًّا على إعدام 150 معتقلا من جماعة الإخوان المسلمين وغيرها من المعارضة، ناهيك عن التصفيات الميدانية التي تمت خارج السجون، وليست مجزرة حماة بعيدة عن ذاكرة الشعب السوري حيث قامت سرايا الدفاع بقيادة الثعلب الممثل رفعت الأسد بتسوية أحياء من حماة بالأرض ليخمد جذوة الإسلام في تلك المدينة البريئة الأبية العزيزة.ولم تقتصر الأفعال الشيطانية على داخل البلد، بل نقلت نشاطاتها إلى الخارج، فقد أرسل المقبور حافظ أيام الحرب الإيرانية العراقية ضباطًا سوريين لمساندة الشيعة والقتال إلى جانبهم، وسمح لطائرات الروافض أن تسرح وتمرح في الأجواء السورية، بل كان يزودها بالوقود كرمى للخميني وأنصاره ومؤيديه.ولعل أخبث خطوة قام بها لُعْنةُ العرب والعجم أنَّه وضع مشروع علونة الدولة السورية ليخلع عنها عباءة أهل السنة والجماعة، فبدأ يسهل عمليات تجنيس الشيعة ويوزع المناصب الحساسة على أبناء دينه والموالين له، فأصبح الروافض هم السادة بعد أن كانوا عبيدًا، وأصبحنا العبيد بعد أن كنا سادة.وإن سألتم عن المشايخ فقد تعاموا عن الجرائم وحاولوا أن ينسحبوا بأقل الخسائر وأكثر الأرباح، وعملوا على أن يجعلوا البغل حصانًا عربيًّا أصيلا والغراب شحرورًا، لأنهم تخرجوا في معاهد الأسد وفي جامعات الأسد وتربوا على نهجه!وعلى نهج الأب حافظ سار الجرو بشار، بل وضع على الخطة بصمات إبليس، فإذا البلاد تنحدر إلى أسفل أخلاقيًّا واجتماعيًّا وسياسيًّا واقتصاديًّا وعسكريًّا..، فلم يترك الجرو بابًا للحرام إلا وفتحه على مصراعيه أمام الشعب السوري، وركع أمام إيران فجعلته حمارًا تركب على ظهره من غير أجرة، فتصرفت بالبلاد وكأنها امتداد للإمبراطورية الفارسية فبنت الحسينيات التي تسب الصحابة وتتهم النبي r في عرضه.ولكن الشعب السوري لا يرضى الضيم ولا ينام على الذل، ففي 15-3-2011 بدأ البخور يتصاعد من شقوق الأرض السوداء منذرًا بأيام حمراء وبيضاء، وأصدرت الأرض من دماء الشهداء رائحة طيبة، وبدأت بوادر الحمم تستعد لحرق عروش الطغاة الظالمين، وانفجر البركان من دون فتوى شرعية من مفتى رئيس الجمهورية، ومن دون أن يأخذ موافقة من قيادات الفروع الأمنية، لقد انفجر بعد أن حركته أنامل صغيرة كتبت أحلامها على جدران الوطن، وإن هذه الأيادي ستظل تكتب وإن طال عمر الثورة خمسة أعوام أو أضعاف مضاعفة.