يطل علينا العالم بمجموعة من الأعياد والمناسبات النبيلة من حقوق الإنسان التي تشهد حضورًا لائقًا واحتفالاً من دول العالم التي تمثلها الإنسانية، كان آخرها ما احتفلت به بعض العواصم في الثلاثين من الشهر المنصرم وهو اليوم العالمي للمعتقل.
كان هذا اليوم بمنزلة عيد أو مناسبة عالمية عادية لا شيء جديد فيها، لكن المشهد مختلف بالنسبة إلى السوريين، فكيف احتفل المعتقل السوري بيوم عيده؟
يستيقظ المعتقلون السوريون على صيحات العفيفات في أقبية النظام السوري، لأن وحشًا بشريًا انتهك شرفها فقط لكونها معارضة لنظام الحكم أو زوجة معارض، فضلاً عن سماع آهات الأطفال الذين لم يتجاوز عمرهم الثانية عشر، وسماعهم لصوت الجلادين وما يتلفظون به من شتائم يأبى المرء التفوه بها، وتنفيذ القتل المتنوع بحقهم تارة عبر أعواد المشانق، وأخرى عبر القتل بقضبان الحديد وكابلات النحاس والجَلد الطويل، ويفعل المرض والجوع والقهر فعله، فيكمل ما أخطأته أيدي الجلادين، ليصبح الموت بالنسبة إليهم رصاصة الرحمة وهو أفضل من الحال الذي يصل إليه المعتقل داخل سجنه المترع بأنواع العذابات والقهر.
ملف معتقلي الرأي السوريين الذي يلاحق الاجتماعات الدولية باستمرار لم يحظَ بشيء جدي ضمن تلك المحادثات، فلم يستجد شيء فيه لا في محور جنيف ولا في سلسلة أستانة، فالملف نفسه بيد المجرمين أنفسهم روسيا وإيران، وكلاهما يدافع عن النظام السوري، فكيف سيحركون ملفًا قد يدينهم دوليًا خاصة أن النظام فعل الأفاعيل بالسجون وهناك الكثير من المعتقلين باتوا أرقامًا ترسل إلى ذويهم تمت تصفيتهم منذ سنين؟!
إن روسيا تحاول إعادة تأهيل النظام أمام المجتمع الدولي، وربما ملف المعتقلين أحد العوائق ويجب حله، لذلك ربما أعطت الأمر لنظام الأسد بإنهاء هذا الملف، ليعمل الأخير على الكشف عن مصير الآلاف من المعتقلين بأنهم قضوا في السجون لتتعالى صيحات الأمهات أين جثة ابني، ويلحقها همسات زوجة امتلأت عيونها بالدموع لتقول أريد فقط رؤية جثمان زوجي وسط صمت دولي كالعادة.
لم يكن نظام الأسد وحليفه الروسي هما فقط القاتل لهؤلاء، إنما كذلك كل من رأى ما يقوم به نظام الأسد ويصمت من الدول ومجلس الأمن وحقوق الإنسان، فهؤلاء مجتمعون لم يستطيعوا إيجاد حل صغير لأي مشكلة واجهت السوريين ومع ذلك يحتفلون بيوم الأسير العالمي!
إن نظام الأسد وحلفاؤه سيغلقون هذا الملف الذي يشكل ربما إدانة لروسيا وإيران بسبب تصويرهم لنظام الأسد بأنه قوة شرعية منتخبة من الشعب تحارب الإرهاب، والحقيقة أنهم يدعمون نظامًا قائمًا على إرهاب دولة. وإن الحديث عن الملف بات قليلاً ويفتح كلما أعيد طرح الحل السياسي عبر جولات جنيف وأستانة واللجنة الدستورية، لذلك بعد فوز نظام الأسد بملف الكيماوي تسجل ملف المعتقلين نقطة لصالح نظام الأسد بسبب التراخي الدولي الذي قد يستعمل الملف كورقة ضغط أيضًا ضد النظام مستقبلاً، وربما يتم طيه ونسيانه بالتقادم واستمرار إرسال أسماء الذين قضوا نحبهم إلى ذويهم، وبالتالي التخلص من العائق الأكبر وهم الذين تمت تصفيتهم دون محاسبة، وإخراج ما تبقى تحت ضغط دولي خاصة أن ملف المعتقلين يمثل أحد السلال المطروحة على طاولة التفاوض.