بقلم : سـعيد مـــحمودهنالك حقيقة واحدة ينبغي الانطلاق منها دائمًا حيال دراسة السياسات الغربية والأمريكية في الشرق الأوسط، وهي مسالة الحفاظ على دولة إسرائيل وأمنها كنقطة استراتيجية مهمة، يتم من خلالها التحكم بدول المنطقة بما يخدم توجهات الحكومات الشيطانية التي تسيطر على العالم، منها على وجه الخصوص الدول العظمى، والتي شكَّلت فعلاً منظومة دولية استطاعت إخضاع كل مقدرات الشعوب وثرواتها في خدمة تلك المنظومة بالتغطية الإعلامية وبالهيمنة الاقتصادية والفكرية والعسكرية.فمنذ عام 1948 إبَّان حرب اليهود وسيطرتهم على فلسطين وقيام دولتهم السرطانية، يستمر استشراء المرض في جسد المنطقة من حروب ونزاعات وتفرُّق وانتهاكات لحقوق الإنسان إلى يومنا هذا، وعندما خرج المستعمر الأجنبي من البلاد العربية المجاورة لفلسطين والذي سمي “استقلا لاً” آنذاك في الشام وغيرها، بدأت اللعبة القذرة بسعي فرنسا وبريطانيا إلى استخلاف أتباعاً مخلصين لها بالعلن تارةً وبالسر تارة ً أخرى، وبأقنعة ومسميات مختلفة، وكان الغرض من ذلك أن تبقى البلاد العربية المستعمرة حين جلائهم منها تحت السيطرة المطلوبة دينياً وفكرياً وثقافياً واقتصادياً، إلى أن استقر الأمر لدولة اليهود في المنطقة وهذه المرة بجهود عربية خالصة!وقد برع أولئك الأتباع في تنفيذ أجندات أسيادهم في الشام ومصر، حتى غدت الحقوق مسلوبة، والأخلاق محاربةً ً وبدا الوضع الاقتصادي مزرياً للغاية، وأصبح الفقر سمةً غالبةً لمن دبّ فيها، وغدا همّ الشعوب المسلمة في الدرجة الأولى تأمين الأرزاق والأقوات في الليل والنهار، فيستهلك العمر ولا يبقى وقت للتطوير ولا التنمية، فضلاً عن تطبيق حلم تحرير فلسطين وطرد اليهود منها كمطلب يتفق عليه الجميع ومن كل الفئات، ولكن إلى متى هذا الاستعباد؟! فالشعوب لن تقف مكتوفة الأيدي إلى الأبد، وخاصة بعد ارتفاع وتيرة الظلم والاستبداد إلى الحد الأقصى، الأمر الذي أدّى إلى الانفجار الحتمي، والانتفاضات الشعبية الغاضبة، وسقوط بعض الحكومات الفاسدة بسبب تبعيتّها لمنظومة الفساد العالمية.ولكن اللعبة السياسية القذرة لم تنته بعد فالعمل مازال مستمرا على تدريب وصناعة أتباع جدد ووجوه جديدة وبأقنعة مختلفة، والغاية منهم السيطرة على دفة القيادة الثورية بالطريقة المناسبة حتى لا تخرج عن المنظومة العالمية الحامية لأمن إسرائيل، وذلك بالطبع خط أحمر حقيقي تفوح منه رائحة دماء الشعوب المظلومة، وليس كخط “باراك أوباما “الباهت الذي سقط وتلاشى عند أوّل اختبارٍ كيماوي سوري.