كثيرًا ما دندنت روسيا مؤخرًا بعودة اللاجئين، وهي تسعى للحصول على دعم دولي للقيام بأعمال إنسانية بعد أن قصفت ودمرت لتبني علاقة طبيعية مع بشار الأسد بعد انتهاء الحرب، فرئيسها “بوتين” يريد إنهاء التدخل الروسي الذي حوَّل الحرب لصالح النظام السوري، لكنه بحاجة إلى دعم دولي لمساعدة عودة اللاجئين، وفقًا لصحيفة فايننشال تايمز.
وحسب الصحيفة فإن موسكو تضغط على أمريكا وغيرها من الدول للانضمام، كما يقال، إلى الجهد المبذول لإعادة البعض من اللاجئين الذين فروا من سورية. ونقلاً عن الدفاع الروسية بعد محادثات بين “بوتين” و “دونالد ترامب” فإن موسكو تتوقع العمل مع واشنطن لإعادة اللاجئين وتمويل إعادة البناء.
وتكشف روسيا عن جهودها في أوروبا الغربية لأجل ذلك ليقع الزعماء تحت الضغط السياسي للتقليل من أعداد المهاجرين، وحسب محادثات في وزارة الخارجية الروسية فإن التعامل مع قضية خلق ظروف لإعادة اللاجئين إلى سورية فقد أنشأت روسيا مقرًّا في موسكو للتنسيق، إذ يعمل فيه مسؤولون من وزارة الدفاع الروسية، لكنه مفتوح أمام الممثلين الأجانب.
وبالنظر إلى دور روسيا في قضية اللاجئين ومحاولاتها إعادتهم إلى بلادهم أبعاد سياسية وإستراتيجية، فهي تريد أن تلهي العالم بقضية اللاجئين بينما تستعد للدخول في معركة إدلب التي أفضت مبدئيًا إلى حل ربما مبدئي عقب مؤتمر سوتشي الأخير، لذلك جاء الحديث عن عودة اللاجئين مترافقًا مع الاتفاق التركي الروسي لإيجاد حل سياسي لإدلب، لتتحول المناطق بالشمال إلى بقع رئيسة لإعادة إعمار تتولاها تركيا، وإعادة اللاجئين إلى مناطقهم الأساسية خطوة لإلغاء مناطق النفوذ الإيرانية، وانتقال المواجهة من العسكرة إلى السياسة من خلال ملف اللاجئين.
حيث إن إيران عملت سابقًا لإنجاز عمليات ترانسفير هائلة من الوسط السوري والمناطق الحيوية من دمشق وريفها إلى حدود لبنان غربًا ومنها شرقًا باتجاه الحدود مع العراق، وعودة اللاجئين إلى أراضيهم الأساسية تعني عودة أبناء الزبداني ومضايا والقصير وحمص إلى أراضيهم، وإن حصل ذلك سيكون عامل تأثير على النفوذ الإيراني بسورية، وبالتأكيد إيران لن تستسلم.
أما تركيا فقد أعلن مسؤولون أتراك بعدة مناسبات عزمهم لإعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم عبر مكافحتهم الإرهاب حيث أكد “أردوغان” أن حل مشكلة عفرين وإدلب هو لعودة اللاجئين إلى ديارهم؛ لأن تركيا لا يمكنها الاحتفاظ بأعداد اللاجئين الكبيرة.
أصبحت المناطق الآمنة أمل السوريين في تركيا للعودة خصوصًا بعد عملية درع الفرات وغصن الزيتون وعودة مئات الآلاف من السوريين لتلك المناطق، ودأبت تركيا بدعوة المجتمع الدولي لتوفير مناطق آمنة بسورية لتكون ملاذًا آمنًا لهم، وهذا ما عملت على تنفيذه تركيا شمال سورية. لكن المهم معرفة الضامن إذا كان النظام ورموزه؛ فاللاجئون لا يريدون العودة لأنهم مهتمون أولاً بتوفير الأمن وضمان حقوقهم وتأمين بنى تحتية مناسبة للعيش.
وبهذا الصدد التقت صحـيفة حبر مجموعة مهجرين من عدة مناطق أكدوا أنهم تركوا منازلهم لأسباب محددة ومتى زالت الأسباب سيعودون.
السيدة (أم عيد) من القابون القريبة من مدينة دمشق قالت: “تركت منزلي أنا وزوجي وأطفالي برفقة أقاربنا بعد أن تدمر من القصف، وأتينا إلى إدلب هربًا من النظام وخوفًا على زوجي من الاعتقال والتجنيد؛ ونحن نتمنى أن نعود إلى بيتنا لكن لا يمكننا العودة حتى يعود الأمان ويسقط النظام.”
(أبو خليل) من سكان الوعر في حمص قال: “أجبرتنا الظروف الصعبة وضيق العيش، ورفضنا وجود نظام على الخروج من منزلنا والقدوم إلى إدلب، ومتى سقط النظام سأعود إلى منزلي وحارتي.”
وأخيرًا قبل أن تخوض الدول في قضية إعادة المهجرين السوريين داخليًّا كانوا أم خارجيًّا عليهم أن يهيئوا الظروف المناسبة لعودتهم، وأن يكون الضامن ليس الذي شارك بقتل الشعب السوري على مدار ثماني سنوات والذي جُرب في مناطق المصالحات مؤخرًا.