بقلم : المحامية سماحهذه هي نظرة المجتمع إلى الفتاة غير المتزوجة، نظرة لا ترتبط بطبقة معينة أو فئة ما، بل ترتبط بعرف اجتماعي ظالم كالعادة، حتى إنَّه غير متعلق بجنسية معينة عربية أو غربية، هي ذاتها تلك النظرة الاجتماعية الكوميدية الساخرة، وقد لعبت المسلسلات التلفزيونية والأفلام الهابطة حتَّى الثقافية منها دورًا في تشويه وتثبيت هذه النظرة التشاؤمية من المجتمع تجاه الفتاة التي لم تتزوج، حتى أثقلوا عبء الفتاة بهاجس ووحش تخافُ أن يبتلعها.وكما هو كل شيء في هذه الحياة قسمة من الله، فالزواج كذلك رزق حُرمت منه بعض الفتيات لعدة أسباب وظروف خارجة عن إرادتهن، فهو نصيب مكتوب يحتاج إلى رضى حتى يحيا الإنسان حياة سوية.والفتيات العاقلات يُظهرن في ذلك رضى كبيرًا رغم ضغط المجتمع بهذه النظرة، إنَّنا لن نتطرق لأولئك الفتيات المنحرفات، وما هي نظرة المجتمع حولهن، وأنَّ سبب انحرافهن كان بسبب تأخر زواجهن.هذا النوع من الفتيات أشبع نقداً وسخرية وانحطاطًا من ضعف أمام الشهوات بما فيه الكفاية، حتى أضحى طابع سخرية ينصبغ فيه ويشار به إلى كل فتاة لم تتزوج، أو يشار إليها بذلك النوع الضعيف المنكسر المقهور، وفي حقيقة الأمر هي ليست من هذا النوع ولا ذاك.إنَّ محور اهتمامنا هي تلك الفتاة المحافظة على دينها، الملتزمة العاقلة الواعية المتوازنة ذات الطموح، وثمَّة منها غير المتزوجة والمطلقة، والتي لم تنجب، لكن كل اللواتي على هذا الوضع ذوات رقة وثقة وعاطفة وقلب مليء بالحب والإيمان والعزم الشديد، ولسنَ كما يدعون صاحبات قلب ضعيف وجفاف عاطفي.الأمر يحتاج إلى نساء واعيات ومؤمنات، خاصة في ظلِّ هذه الظروف التي تأخَّر فيها زواج الجميع، وهي ظروف يمرُّ بها الشعب السوري كافة.هذا لا يعني أنَّ الزواج شيء بلا قيمة، بل هو ذو قيمة كبيرة، وسبب لعفة الإنسان، وأحد ضروريات الحياة، ونعمة من نعم الله على الإنسان، ورزق من الله يحتاج إلى شكره كغيرة من النعم، لكن حرمان الإنسان منه لن يجعله ذليلاً أو مكسوراً، نعم قد يكون سبباً في انحراف إحداهن، لكن أحببت أن أتكلم على تلك الفتيات الملتزمات على اختلاف حالهن لأنهنَّ محل احترام وقدوة ومثال للتقى والعفاف لغيرهن ممَّن هنَّ على نفس الشاكلة.فحياتهنَّ ليست سوداء، أو محل إحباط أو تشاؤمية، بل هي مؤمنة صابرة قوية طموحة مطمئنة راضية بما قسمه الله غير مبالية بنظرة المجتمع التشاؤمية إليها.لندعم تلك الفتاة لتبنيَ نفسها، وتعتمد على ذاتها، لننشئها نشأة صحيحة، لتحيا حياة سوية في كل الظروف التي قد تمرَّ بها.فمتى استقامت الفتاة استقام الفتى، ومتى أنشئت الفتاة على الإيمان الذي يعطي للإنسان العزة والكرامة والإباء لن يكسرها شيء، لأنَّها ذات جبين مرفوع بإيمانها، لا مكسورة ولا مقهورة.