أ. عدنان القصيرالموجه التربوي في مؤسسة قبسمتى يكون المعلم قادرًا على أن يجعل تلاميذه يحفظون دروسهم قبل أن يغادروا حجرة الصف؟روى الحاكم في المستدرك عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرَجُلٍ وَهُوَ يَعِظُهُ: ” اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هِرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ”ولنغتنم من هذا الحديث الشريف خمس فوائد أيضًا تدرّب المعلم على فنّ طرح المعلومات والأفكار بأسلوب يسهم في سرعة الحفظ والضبط والوضوح عند التلقي لدى المتعلمين.1) يبدأ النبيr حديثه بطرح المعلومة مجملةً لينتقل للتفصيل والتوضيح بعد ذلك، وهذا أثبت للحفظ. إلا أن هذا الأسلوب يتناسب مع المعلومات والأفكار البسيطة والواضحة وغير الطويلة.2) كما أن ترقيم المعلومات (كمًّا) له وظيفة أشبه بوظيفة الدبوس الصغير الذي يثبت أوراق الإعلانات رغم حجمه الصغير بالنسبة إلى حجم الورقة التي يحملها، وكذلك كأن تربط المعلومات بالأشكال والمخططات والألوان وغيرها، خاصة في مراحل التعلم الأولى.3) ومما يساعد على تثبيت المعلومات، عرضها بتناسق وترابط لغوي متناغم، فكما نرى في الحديث الشريف التضاد والتقابل في كل مفردتين من جهة (شبابك، هرمك، غناك، فقرك)، واتفاق جميع المفردات كمصادر ثلاثية ورباعية من جهة ثانية، فالمعلومة على الرغم من أنها مجزّأة لأجزاء عديدة، إلا أنها بقيت متماسكة بسبب هذا الترابط المذكور وكأنها كل متكامل.4) ولنلحظ العناية حتى بالترتيب المكاني للأفكار أيضًا، ففي البداية يذكر النبيr الشباب كونه المرحلة الأهم والأشمل على الإطلاق (فالغالب على الشاب الصحة والعنفوان والطاقة وقلة المشاغل العائلية)، بينما يختم النبيr حديثه بذكر الموت كونه الخاتمة لحياة الإنسان.5) وأخيرًا نصيحة لكل من يقدّم أو يعرض معلومةً ما، لا بد له من الإلمام -بقدر يسير- بآلية عمل الدماغ أثناء التعلم، وذلك من خلال الاطلاع على نظريات التعلم وخاصةً الحديثة منها، لتكوين أساس جيد عن الصورة المنطبعة في ذهن المتعلم للمعلومة المقدّمة له ودور العوامل التي ذكرناها سابقاً في جعل هذه الصورة المرسومة واضحة مفهومة سهلة الحفظ.