بقلم: إسماعيل المطيرممَّا لا شكَّ فيه أنَّ طول المدة التي استغرقتها الثورة السورية حتى اليوم، تجعلنا نبحث عن أسباب تأخر النصر، وخصوصاً مع ما يحدث على أرض الواقع من تبدُّلات وتطورات تجعلنا شبه عاجزين عن توقع النتائج.فهناك مئات وربَّما آلاف الألوية والكتائب المقاتلة على الأرض، ومع ذلك لا نلاحظ رابطاً صريحاً يجمع تلك الفصائل تحت راية واحدة وهدف واحد.ربما كانت التركيبة التي تبنى عليها غالبية الفصائل تخضع لمعايير شخصية ومناطقية، فاللواء الفلاني يقوده فلان، وينوب عنه أخوه، ويدير معاركه ابن عمه، ويتحدث باسمه ابن أخيه، لتتحول شجرة العائلة بكاملها إلى شجرة قيادات لا اعتبار فيها إلا للقرابة والصحبة دون الكفاءة القدرة على القيادة، وبالطبع تأتي مصلحة العائلة الكريمة قبل كل شيء.ومن ناحية أخرى نرى بعض الألقاب التي انطلقت منذ بداية الثورة، وهي معروفة لدى الجميع، وربَّما كان أشهرها لقب “حجي” الذي يلحق به دوماً اسم منطقة أو مدينة ينتمي إليها ذلك “الحجي”.لا شكَّ أنَّ ذلك اللقب ينم عن مكانة كبيرة لصاحبه، نظراً لجهوده المميزة في خدمة الثورة، ولكنَّنا لو رجعنا إلى أصل إطلاق الألقاب لوجدنا أنَّ من كان يطلقها كان يهدف إلى ربط منطقة معينة بشخص “الحجي” لينفتح الباب على مصراعيه أمام كل متسلق من تلك المنطقة ليتحدث باسم “الحجي” ويضرب بسيفه، ساعياً إلى إيجاد “قرداحة” جديدة.لكن كل المشكلة الحقيقية في تلك “المناطقية” تتجلى غالباً في تقاعس كثير من الألوية عن نصرة المناطق الأخرى، فنرى ابن حلب مثلا لا يقاتل إلا في حلب، وابن ريفها لا يقاتل إلا في منطقته، وابن “المريخ” يتبرأ من “المشتري”، وابن زحل لا يتخطى حزام الكوكب، فقد صرنا –وللأسف-أشبه بأجرام الكون يدور كلٌّ منَّا في فلك منطقته.في الواقع لا يمكن أن نعد ذلك مشكلة عندما نقاتل في مناطقنا التي على خط النار، ولكن المشكلة تكمن في اعتقاد ثوار المناطق المرتاحة نسبياً أنَّ مهمتهم انتهت بتحرير مناطقهم، وأنَّ على أهل كل بلدة تحرير بلدهم دون مساعدة من غيرهم، هؤلاء يتناسون أنَّ تحرير بلدة لا تحتوي إلا على مخفر شرطة فيه عنصرين ونصف، يختلف تماماً عن تحرير منطقة تحيط بها الجبال وعليها كتائب النظام المدججة بمدفعيتها وصواريخها.ذلك الأمر الخطير هو ما جعل مدينة حلب قاب قوسين او أدنى من الحصار في يوم من الأيام، وقدم النظام على طول الطريق من “خناصر” إلى مشارف وصولاً “نبل” و “الزهراء”.لقد تبين خلال الفترة الماضية أنَّ قوتنا تكمن في وحدتنا، وهذا ما لمسناه في معارك الريف الشمالي بحلب، ثم في تحرير مدينة إدلب، بعد أن اجتمعت الكلمة على نبذ الخلافات والانتماءات المناطقية، ثم الالتفات إلى الغاية الأسمى، لأنَّ تلك الخلافات مجرد رغوة صابون لا بد أن نزيلها.أمَا سمعنا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: “فإنَّما يأكل الذئب من الغنم القاصية”؟!… أمَا آن لنا أن نتحد؟!.