بعد أن قال رحيم ستيرلنغ إنه “لا يتوقع أفضل من ذلك”، هذه نظرة على مظاهر مختلفة للعنصرية، في كرة القدم الإنجليزية.
وكتب رحيم، لاعب مانشستر سيتي، تحليلا على مواقع التواصل الاجتماعي عن العنصرية في كرة القدم الإنجليزية، كيف تستمر وكيف أنه “لا يتوقع أفضل من ذلك”، ما أثار نقاشا كبيرا، حول ما يتعرض له اللاعبون السود والمنحدرون من الأقليات العرقية الأخرى، في الملاعب الإنجليزية حتى يومنا هذا.
ويشارك في الدوري الإنجليزي لكرة القدم لاعبون من كافة أنحاء العالم، ويعد اللاعبون سود البشرة ومن الأقليات العرقية الأخرى جزءا كبيرا من كافة فرق الدوري.
لكن العنصرية ليس فقط مستمرة، بل إن الإحصاءات التي أعدتها منظمة “كيك إت أوت” الخيرية، التي تنشط ضد العنصرية في كرة القدم، تشير إلى أن عام 2018 شهد سادس ارتفاع على التوالي، في البلاغات عن العنصرية في اللعبة الإنجليزية.
وأظهرت أرقام المنظمة أن هناك 520 بلاغا عن التمييز، جرى تلقيها في الموسم الكروي 2017/ 2018، مقارنة بـ 469 في الموسم 2016/ 2017، نحو 53 في المئة من تلك البلاغات عن العنصرية.
ويقول توري تاونسند، من منظمة كيك إت أوت إن هناك حاجة، إلى أن “تسلط المواقف التي تشبه موقف ستيرلنغ الضوء على ما يحدث اليوم”.
انتهاكات الجماهير
في الثمانينيات من القرن الماضي، شهدت كرة القدم الإنجليزية الكثير من الانتهاكات العنصرية.
وتعرض لاعبون بارزون بشكل متكرر لقذفهم بالموز، وتعرضوا لهتافات تصفهم بالقرود.
وعموما، فإن التغييرات الكبيرة التي طرأت على اللعبة في التسعينيات – مثل تدفق أموال القنوات الفضائية على اللعبة، وأصبحت الملاعب بها مقعد لكل متفرج، وأضحى خليط أوسع من الناس يشعرون بالراحة وسط الجماهير – جعلت هذا الأمر أقل تكرارا، على الرغم من استمرار حدوث ذلك في أندية كبيرة، في دول أروبية أخرى، بشكل متكرر ويبعث على الحزن.
لكن يوم السبت الماضي، أفادت تقارير بأن ستيرلنغ تعرض لإساءة عنصرية، التقطتها كاميرات التلفزيونات، حين ذهب لاسترداد الكرة خلال مباراة فريقه ضد فريق تشيلسي.
وظهرت صور لمجموعة صغيرة من المشجعين البيض، يصرخون في وجهه، بثتها القنوات في كافة أنحاء العالم.
وجاء ذلك بعد أسبوع واحد، من قذف مهاجم فريق أرسنال، الغابوني الجنسية بيير إمريك أوباميانغ، بقشرة موز في ديربي شمال لندن.
وحظر نادي توتنهام المشجعين المسؤولين عن الحادث، إلى أجل غير مسمى.
انتهاكات في الخارج
من أبرز الحوادث المشينة المرتبطة بالجماهير الإنجليزية حادثة وقعت ليس في انجلترا، وإنما في باريس.
وانخرط فيها أيضا مشجعو تشليسي، حيث كانوا هناك لتشيجع فريقهم، في مبارة ضد باريس سان جيرمان.
وعلى متن قطار أنفاق مزدحم، دفعوا رجلا فرنسيا أسود البشرة، يدعي سليمان سيلا، إلى الرصيف خارج القطار ومنعوه من الركوب، وتغنوا بعنصريتهم قائلين: “نحن عنصريون، ونحب ذلك”.
وعقب الحادث، جرى تحديد هوية أربعة من مشجعي تشليسي، ومنعوا من حضور مباريات كرة القدم، لمدة خمس سنوات.
الفرصة في التدريب
منذ عام 1990، كان واحد من بين كل أربعة لاعبين إنجليز دوليين متقاعدين أسود البشرة أو ينحدر من أقلية عرقية، ونفس النسبة تنطبق تقريبا على كل لاعبي الدوري الإنجليزي. لكن منذ ذلك الحين، أصبح خمسة فقط من لاعبي منتخب انجلترا السابقين مدربين.
عموما، فإن اللاعبين البيض يصبحون مدربين في انجلترا، بنسبة تبلغ الضعف مقارنة بنظرائهم السود.
هناك ضغط لتطبيق “قاعدة روني” في الدوري الإنجليزي، كما هي في اتحاد كرة القدم، والتي تقضي بأن أي وظيفة يجب أن يترشح لها واحد على الأقل من سود البشرة، أو الآسيونيين أو من الأقليات العرقية.
لكن حتى الآن لا تطبق هذه القاعدة في الدوري الإنجليزي الممتاز، وإنما تطبق فقط بشكل تطوعي في دوري البطولة الإنجليزية “دوري الدرجة الأولى الإنجليزي”.
وفي عام 2015، أفادت دراسة بأن الأمر قد يستغرق 30 عاما، قبل أن يمثل اللاعبون السود ومن الأقليات العرقية بشكل عادل في وظائف التدريب، في كرة القدم الإنجليزية.
وسلط ستيرلنغ الضوء على عناوين متناقضة من صيحفة ديلي ميل، حيث كانت إيجابية نسبيا تجاه لاعب أبيض شاب، وسلبية تجاه لاعب أسود، على الرغم من تشابه الحادث إلى حد كبير.
كما ترعرت اللغة التي يستخدمها الصحفيون الرياضيون، مثل كلمة “وحش”، التي تستخدم غالبا في وصف اللاعب الأسود ضخم الجسم.
انتهاك لاعب لآخر
في عام 2011، جرى التحقيق مع لويس سواريز من جانب اتحاد كرة القدم، لانتهاكه اللاعب باتريس إيفرا بشكل عنصري.
وعلى الرغم من أن سواريز نفى ذلك، إلا أنه تعرض لعقوبة الحرمان من 8 مباريات، بعد أن خلص الاتحاد إلى أنه مذنب.
وفي العام التاللي 2012، عوقب قائد فريق تشيلسي، جون تيري، بالحرمان من 4 مباريات وغرامة قدرها 220 ألف استرليني، لانتهاكه أنتون فيرديناند مدافع فريق كوينز بارك رينجرز.
وفي عام 2014، أجرى البروفيسور كاشمور دراسة شملت 2500 مشجع لكرة القدم، في محاولة للكشف عن توجهاتهم تجاه العنصرية.
وكشفت الدراسة عن أن نحو نصف هؤلاء المشجعين شهدوا، أو تعرضوا لبعض من العنصرية، في كرة القدم الإنجليزية.
وقال أحد الأشخاص، الذين شملتهم الدراسة، إنه بينما لم تعد العنصرية معلنة حاليا، كما كانت من قبل، إلا أن “أي شخص يحضر مباريات كرة القدم بشكل منتظم سيؤكد، أن صوت العنصرية الخفيض لايزال موجودا، وحيا إلى حد كبير”.