واحدة من أكبر المشكلات التي تعرضت لها الثورة، وما زالت .. حتى صار الشرفاء في الثورة قلّة أو ندرة، فلا يوجد إنسان بدون عيب، وما أسهل تضخيم العيوب الصغيرة لتصبح خيانات تُتداول على مواقع التواصل وتفرغ جميع رموز الثورة، أو ناشطيها من أي قيمة يمكن البناء عليها.لا غرابة في ذلك، لا غرابة من شعب أنهكه الفساد طيلة خمسين عاماً أو تزيد، فعندما قام بثورته تخيل أنها المعصومة عن كل زلل، فصار أي خطأ يراه فيها مهما صغر هو مدعاة للخوف والريبة، سرعان ما يتطور هذا الخطأ في ذهن المتلقي الثورجي ليبدأ بتخيله فساداً يكبر ويكبر، حتى يبدأ بمحاربته واتهام أصحابه بأنهم باعوا البلاد والعباد بثمن بخس .أخذ هذا التصور يمتدّ ويتشعب، مما جعل الثوار يبتعدون عن التصدي للعمل في مؤسسات الثورة خشية على أنفسهم ان يتهموا بالفساد والخيانة نتيجة أي خطأ بسيط يرتكبونه، ليتحول بالتحليل والتمحيص عند كثيرٍ من رواد الأنترنت إلى خيوط خيانة بدأوا يكتشفونها بعبقريتهم الفذة التي خبرت الفساد جيداً، والأدهى من ذلك عدم التأكد والتقصي، بل الاكتفاء بالتحليلات الشخصية، والأخبار التي ترد من هنا وهناك، ففرغت هذه المؤسسات من الشرفاء، وصار الشريف فيها متهماً حتى يتركها. وهكذا صنعنا الفساد بأيدينا من حيث قدرنا أننا نحاربه .بل وصل الأمر إلى أن الكثير من الأعمال الجيدة صارت تؤوّل عند بعضهم بأهداف خبيثة، فإذا قدم أحدهم مساعدةً سارع آخر ليلمزه منصباً وسلطةً، وإذا نفذ مشروعاً يساعد به الناس صار الحديث عن أرباح شخصية كبيرة يضعها في جيبه، وكل ذلك بلا أي دليل أو برهان .لا أريد أن أطيل فما أعرضه معروف للجميع، ولكن إن أردنا بناء وطن حقيقي، فعلينا أن نبتعد عن هذه السلبية والشيطنة لكل ما حولنا، علينا أن نتمتع بكثير من الثقة وبادرة حسن النية وتقبل بعضنا البعض، وإن راودتنا المخاوف فلتكن هذه المخاوف هي مؤشرات للحذر في داخلنا وليست مواقف مسبقة ننطلق منها، فالمتهم بريء حتى تثبت إدانته، وليس العكس . “فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين” المدير العام / أحمد وديع العبسي