بقلم : ناصر الدين السالمتعريفها وآلية عملها:الأسلحة البيولوجية عبارة عن مصطلح عسكري يُقصد به جميع الوسائل والمسببات التي تستخدم لنشر الأمراض المعدية والفتاكة في صفوف القوات المعادية، وذلك للتأثير على كفاءتها القتالية، وبالتالي سهولة إلحاق الهزيمة بها.ولا شكَّ أنَّ التقدم السريع في مجال البحث العلمي بصورة عامة وفي مجال الهندسة الوراثية بصورة خاصة له أثر كبير في تخليق خواص ومواصفات جديدة لمسببات الأمراض مع عجز واضح في مقدرة الطب الوقائي على اللحاق بتلك التطورات ناهيك عن مجاراتها، وعلى الرغم من أنَّ الجسم البشري يوجد لديه جهاز مناعي يعمل وفق مسارين الأول عبارة عن خلايا دفاعية تهاجم الجراثيم والفيروسات والأجسام الغريبة التي تدخل الجسم وتدمرها، والثاني يتمثل بمقدرة الجسم على إنتاج أجسام مضادة تقضي على تلك المسببات، إلا أنَّ كثافة وقوة وتركيز تلك الكائنات وتباين سُلالاتها خاصة في الفيروسات يجعل هذا الجسم غير قادر على مقاومة هذه الكائنات ويكون مفتقراً إلى المناعة منها، وبالتالي حدوث المرض وانتشاره بين الأفراد حتى الوصول إلى مرحلة الوباء، وهذا ما حدث عندما انتشر الطاعون في القرون الوسطى وكما يحدث الآن في انتشار أمراض الإيبولا وشلل الأطفال.تاريخها:تعتبر الأسلحة البيولوجية من أقدم أسلحة الدمار الشامل التي استخدمها الإنسان أثناء نزاعاته وحروبه، وقد اكتسب ذلك السلاح قوة تدميرية في العصور القديمة على الرغم من بدائيته بسبب عجز القدرة الطبية على معالجته وعدم وجود الوسائل للوقاية والحماية منه والكشف عنه وتشخيصه.يُظن أنَّ أول من استخدم السلاح البيولوجي هو القائد اليوناني (سولون) وذلك عام 600 ق.م حيث استخدم جذور نبات (الهيليوروس) في تلويث مياه النهر الذي يستخدمه أعداؤه للشرب ممَّا أدى ذلك إلى مرضهم وسهولة هزيمتهم.استخدم الصليبيون السلاح البيولوجي ضد المسلمين خلال الحرب الصليبية، وذلك عن طريق إلقاء جثث الموتى المصابين بالأمراض المعدية داخل المعسكرات الإسلامية.في عام 1763م استخدم الأوربيون المهاجرون إلى أمريكا السلاح البيولوجي للتخلص من الأعداد الكبيرة من الهنود الحمر، وذلك عن طريق نشر الأمراض غير المعروفة هناك وقد كان لمرض الجدري دور أساسي في القضاء على الأغلبية الكبيرة من الهنود الحمر آنذاك، حيث تمَّ إرسال مناديل وأغطية لمرضى مصابين بالجدري كهدايا إلى رؤساء القبائل الهندية.بدأ تطور الأسلحة البيولوجية بصورة منهجية بعد الحرب العالمية الأولى، وخلال الفترة بين 1936 – 1946 م حيث بدأت الدول الأوربية وأمريكا في إنشاء المختبرات والمراكز اللازمة لتحضير أنواع وسُلالات جديدة ومتطورة من الجراثيم والفيروسات، وقد تزامن ذلك مع إنتاج الأمصال واللقاحات والوسائل الطبية المضادة لها.واستخدم الأمريكيون السلاح البيولوجي خلال الحرب الكورية، وذلك عن طريق حقن الحيوانات الصغيرة كالفئران والأرانب بالفيروسات والجراثيم المعدية.أنواعها:يمكن تقسيم الأسلحة البيولوجية ومسببات الأمراض إلى نوعين رئيسين هما: الجراثيم والفيروسات إضافة إلى أنواع أخرىالجراثيم (البكتريا): عبارة عن كائنات بدائية النوى يمكن رؤيتها ومشاهدتها بالمجهر الضوئي وطريقة عملها في إحداث المرض تعتمد على حدوث تفاعلات كيميائية في الخلية تؤدي إلى إنتاج مواد سامة أو مواد استقلابية ضارة بالإنسان أو الكائن التي تتطفل عليه، وهناك مجموعة كبيرة من الأمراض التي تسببها الجراثيم كالطاعون أو ما يسمى الموت الأسود، والحمى القلاعية، والكوليرا، والجمرة الخبيئة.الفيروسات: جسيمات صغيرة جداً لا يمكن رؤيتها إلا بالمجهر الالكتروني، وطريقة عملها في إحداث المرض تكون أكثر تعقيدًا من الجراثيم، حيث تقوم بالتحكم بالخلية التي تصيبها وتوقف عملها ونشاطها الحيوي وتتكاثر على حسابها مؤدية إلى هلاكها، ومن بعض الأمراض الفيروسية نذكر الجدري، أو الحمى الصفراء، وشلل الأطفال، والانفلونزا بأنواعها، و الإيبولا.طرق انتشار العدوى والوقاية منها:هناك عدة طرق لإيصال العدوى بالعوامل البيولوجية، وهي العدوى عن طريق اللمس والجلد، وعن طريق الشم والهواء وأيضاً عن طريق المأكولات والمشروبات، وقد تستخدم النباتات والحشرات في نقل العدوى ناهيك عن القنابل والصواريخ.ويعتبر عدد الأفراد عاملاً أساسياً في انتشار الوباء، وهذا ما يحدث في البلدان الفقيرة ذات العدد السكاني الكبير، كما حدث عندما انتشر فيروس مرض الإيبولا في الصومال، كما أنَّ التدهور الصحي ونقص اللقاحات يؤدي أيضاً إلى ظهور المرض من جديد، كما حدث في سوريا حيث أنَّ فيروس شلل الأطفال كاد أن ينتهي قبل عام 2012 إلا أنَّه عاد وظهر من جديد في أطفال سوريا نتيجة نقص الرعاية الصحية واللقاحات والظروف القاسية التي يعانيها الأطفال أثناء الحرب.يمكن توفير الوقاية من العوامل المسببة للأمراض بعدة طرق، كتوفير اللقاحات، والتوعية الصحية، والحذر من المأكولات والمشروبات المشبوهة، واستخدام الأقنعة والملابس الواقية، ويضاف إلى ذلك مجموعة من الإجراءات الوقائية مثل: حفظ الماء والأطعمة والنظافة والحجز الصحي للمناطق المعرضة للوباء، وتطهير الأشخاص والتجهيزات والمناطق الملوثة.