تقرير : عمر عربحلب سترسم حريتها بالدماء والدموع، لكي ترفع راية النصر والحرية، وإنَّ غداً لناظره لقريب.حلب التي عايشت الموت بكل تفاصيله، عانت من الوجع والألم الذي استوطن فيها سنوات جرَّاء القصف الهمجي العنيف الذي طال البشر والحجر تاركاً أثره المؤلم في قلوب الناس الذين لم يستكينوا لكل ما حصل بهم من جوع وحصار وتشريد وقصف، فهم في كل مرَّة يبقون مصرين على الحياة والبقاء في مدينتهم متحدين بثباتهم وصمودهم كل ما يقوم به النظام وآلته الإجرامية ضدهم.حلب الآن تلملم جراحها وتعاود النهوض من جديد مستعدة للوقوف على أبواب النصر مثلها مثل إدلب الخضراء التي نالت حريتها، فالجميع قال بأنَّ حلب على حافة السقوط متوقعين أنَّها ستكون بيد النظام خلال فترة قصيرة، لكن مدينة حلب بهمَّة وعزيمة أهلها ومقاتليها تضرب بكل تلك التوقعات عرض الحائط، وتأتي عدة مطالبات من الناس وعدد من الجهات الثورية بتوحيد صفوف جميع فصائل الثورة، ووضع جميع خلافتها جانباً بغية تشكيل قوة عسكرية كبيرة يمكنها الوقوف في وجه النظام وردعه عن كل جرائمه التي يمارسها ضد الأهالي.كل هذه المطالبات كان لها وقعها وصداها في الداخل الحلبي، ليقوم الثوار بإعادة الهيكلة التنظيمية لجميع الفصائل الثورية، وتشكيل غرفة عمليات موحدة لهم تحت مسمى “غرفة عمليات فتح حلب” والتي تضم عددًا من الفصائل والألوية التي انضوت تحت سقفها، واللافت في هذه الغرفة هو تنوع الفصائل العسكرية، والتي ينفرد كل فصيل منها بقوة وخبرة لا توجد في غيره، أمر ربَّما يساعد في جعل هذه القوة قوة متكاملة يمكنها خوض معركة حاسمة ضد النظام، ويميزها عن باقي المعارك التي حصلت سابقاً.ويرى مراقبون أنَّ تلك المعركة التي سيخوضها الثوار لن تكون معركة سهلة أبداً، حيث أنَّ الثوار سيخوضون معركة ضد النظام في مدينة حلب، ومعركة ضدَّ تقدم قوات النظام مؤخراً في ريف حلب الشمالي، ناهيك عن المليشيات الموالية له والتي تحارب في صفه، أي أنَّه سيكون أمام الثوار محورين أساسين عليهم مواجهة النظام وميليشياته وتحقيق مكاسب عسكرية على الأرض تقضي على تواجدهم فيه.أمَّا المعارك التي يخوضها الثوار الآن على جبهات حلب هي عبارة عن معارك عسكرية تحضيرية وخاطفة يهدفون من وراءها إلى تشتيت قوَّة النظام على عدَّة جبهات داخل المدينة، لتكون تلك المناطق فيما بعد تحت قبضة الثوار، فالقائمون على هذا العمل العسكري أشاروا إلى أنَّ عملهم هذا سيكون مبنيًّا على الخطط المدروسة، وسيكون هناك تنسيق متكامل مع جميع الفصائل التي تضمها الغرفة، إضافة إلى أنَّ غرفة علميات فتح حلب ستحاول تلافي جميع الأخطاء السابقة التي حصلت ضمن المعارك التي خاضوها بداية دخول أحياء حلب.وأنَّ الغرفة ستلتزم بكافة المعايير ضمن معركتها القادمة عند السيطرة على المدينة وكافة المؤسسات التعلمية والطبية، وستكون الجامعات جميعها محمية من قبل عناصر الثوار من أي عمليات تخريب أو سرقة وحتى جميع المراكز والمنشآت الحكومية ستبقى كما هي ولن يكون حالها كحال النظام في الدمار والخراب ولن يتم استخدامها كمقار أو ثكنات عسكرية وستسلم لجهات مدنية ذوات اختصاص.لكن الآن السؤال الأبرز والذي يتداوله الناس “متى ستبدأ هذه الغرفة عملياتها؟ وهل بالفعل سيمكنها تحرير مدينة حلب كما تمكن جيش الفتح من تحرير ادلب؟ربما تحرير حلب يكون في ليلة وضحاها أو خلال ساعات أو أيام، لا أحد يدري متى وكيف سيتم ذلك، وما هي المجريات والمعطيات التي ستكون سائدة على الأرض، إلا أنَّ حلب الآن تفتح أبواب النصر متجهزة لاستقباله واحتضانه، راسمة حدودها المحررة بالدماء والدموع، لكي ترفع راية النصر والحرية، وإنَّ غداً لناظره لقريب.