أ. عدنان قصيرمع اشتداد حرارة الطقس واشتداد وطأة القصف، تطلُّ علينا امتحانات شهادتي التعليم الأساسي والثانوية، بعد أن كانت ولفترة طويلة هي التي تلفح الكثير من طلابنا وذويهم بحرارة نتائجها.ولكن هل يا ترى تلك النظرة للامتحانات أصبحت من الماضي؟ وهل كانت نظرةً سليمةً؟ وكيف ينظر كل منّا للامتحانات؟قد لا يخفى على أحد تلك الأجواء المشحونة بالتوتر والقلق التي تصيب أغلب الأسر عندما يتقدَّم أحد أبنائها إلى امتحانات الشهادة الثانوية على وجه الخصوص. إضافةً لتلك الوصفات السحرية للدراسة التي تقفز علينا من هنا وهناك في محاولة لإدراك حلم ما يلبث أن يتحول إلى وهم.آباء وأمهات آمنوا بأنَّ هذه الشهادة هي المتحكم الوحيد بمستقبل ابنهم، حتى شاع بين الناس أنَّ الشهادة هي مستقبل.ذاك القصور في الفهم ألقى على عاتق طلابنا ضغطاً وعبئاً كبيراً، فضلاً عن أنَّهم يمرون بمرحلة المراهقة الحساسة أصلاً. ممَّا دفع بالكثير منهم إلى الهروب من هذه المواجهة التي إن فشلت تحولت لكابوس اجتماعي، وفي حالات أفضل، المواجهة المترافقة مع مستوىً من القلق والتوتر الكافي لإفشال تحضيرات عام كامل من جهد أبنائنا الطلبة.وعلى الضفة المقابلة كان لفئة منَّا -نحن المدرسين -دور كبير في إشاعة هذه الثقافة التربوية الفاسدة.فترى هؤلاء المدرسين يختزلون العمل التربوي خلال العام الدراسي، ويستبعدون كل معلومة أو مهارة لا تأتي في الامتحان. ولعلَّ البعض كان يستبدل كلمة (للاطلاع) بكلمة (محذوف). وقد ترى آخرين قد جعلوا من الطلبة ذوي الإبداع أضحوكةً في الصف بحجة أنَّ الامتحان لا يحتمل أي إبداع.كل هذا بل وأكثر منه أدَّى لظهور سلوكيات شاذة لبعض طلابنا كالغش والحفظ من دون فهم وغيرها من الأمراض التي نجني عواقبها المرّة على المستوى الوطني في هذه الأيام.غير أنَّ قلةً من أصحاب الوعي والإخلاص مازالت ترى الامتحانات أداة من أدوات التقويم، والذي بدوره هو ركن من أركان العملية التعليمية له دوره في الوصول إلى الأهداف التربوية المنشودة، وهو مقياس ودليل مرشد للطالب يحدد له بشكل علمي دقيق مساره القادم وفق إمكاناته وقدراته هو، لا أحلام أبويه أو الأهواء المجتمعية المحيطة.فعلى مثل هؤلاء التعويل، وعليهم الأمل ينعقد في محاربة هذه الثقافة المتجذرة في النفوس، وتحويل الامتحانات من همٍّ ومحنة إلى أداة خير ونعمة.