غسان الجمعة |
على جدول أعمال وزيري الدفاع وضع مصير إدلب بعد لقاء بوتين و أردوغان وهو ما ينبئ بأن حلاً عسكرياً في المحافظة قادم لا محالة وسرعان ما تلقفت وسائل الإعلام الموالية الخبر لترسم أحلامها حول المنطقة بطائرات بوتين وراجماته و كأن زيارة الرئيس التركي لموسكو ليست إلا لهدف تمهيد الطريق للجيش الممانع نحو إدلب.
إن توظيف مخرجات القمة من قبل الإعلام الموالي في تناول العلاقة التركية الروسية شاذ ومقتضب وعلى غير عادته جاء مغرداً بعيداً عن وسائل الإعلام الروسية وحتى عن تصريحات بوتين نفسه وبالأخص حول تلك التي أقرها بوتين في مسألة اتفاقية أضنة الموقعة منذ العام 1998 وظهر فيها إعلام الأسد كمن يشيح بوجهه عن النار ولكنه يشعر بكيها.
فتصريحات بوتين حول احترام مصالح و مخاوف أنقرة تبعتها ضرورة اتخاذ خطوات (إضافية) بالنسبة لموضوع إدلب وهو ما يوحي بسيناريو مشترك سيطبق بالمحافظة سيستخدم فيه النظام السوري كأداة لا أكثر و ضمن محددات و مصالح تركيا و على الرغم من أن ما يجري تحضيره لن يصب في صالح الشعب السوري في المحافظة غير أنه لن يكون أيضاً في صالح الأسد هذه المرة، فالخلاف الروسي التركي حول منطقة إدلب ليس على الأرض و إنما على البنية السياسية والعسكرية التي تسيطر عليها و لو أن التركي أراد تسليم المنطقة كما يسوق إعلام الأسد لفعلها في مناسبات سابقة كانت فيها الظروف على الأرض أكثر تعقيداً مما عليه الآن و على العكس تماماً فقد انتزعت السياسة التركية بشكل غير مباشر اعترافاً من موسكو بشرعية التواجد التركي داخل الأراضي السورية عندما أعلن بوتين أن اتفاقية أنقرة لا تزال نافذة المفعول بين الجانبين التركي والسوري وهو ما يوحي بأن تغيراً سوف يحصل و ليس تسليماً بالمعنى الذي يتمناه الأسد.
ومن جهة أخرى فإن التحول في لهجة الخطاب تجاه الدور التركي في سورية بات واضحاً بإبداء موسكو رغبتها للتعاون مع أنقرة حتى بعد نهاية الحرب وهو خيار ليس لها بديل عنه في ظل إقرار الكونغرس قانون قيصر والتحضير لقائمة عقوبات تشمل النظام السوري ومن يتعاون معه.
المعطيات الجديدة على ساحة الصراع السورية مكنت تركيا من إدارته بشكل مختلف وألقت بالكرة في ملعب النظام السوري حيث تحولت الورقة الكردية بيد الأسد من ورقة ابتزاز وضغط في مواجهة تركيا إلى مسبب شرعي لوجودها تحتم على الأسد حل مسألة شرق الفرات قبل الحديث عن انسحاب القوات الأجنبية ورغبته بالسيطرة على ما تبقى من مزرعته.
ويبقى السؤال هنا كيف سيواجه النظام السوري مسوغات الوجود التركي المشروعة في ظل إقرار أمريكي بمنطقة آمنة شرق الفرات واعتراف روسي بمصالح أنقرة في غربه.