بقلم : رئيس التحريرها نحن نستقبل شهر رمضان من جديد، ونفتح له قلوبنا، وندخل في الموسم العظيم ونفحات الشهر الكريم، حيث تتجلى فيه الخيرات وتكثر الطاعات ليظهر فضله على باقي الشهور، ليكون بحق شهر القرآن والفتح والفرقان، ومن المبشرات أن أمارات رمضان وممهدات انتصاراته ظهرت قبل وصوله إلينا، لتكون مقدمات نصر عظيم تقر به عيون المؤمنين، فقد شمر المجاهدون عن أيديهم في رجب وشعبان، ففتح الله على أيديهم ونصرهم على أعدائهم، لينطلقوا انطلاقة رجل واحد ويحرروا ما تبقى من أرض الشام من نير العبودية.وقد يستغرب من محبتنا رمضان ويقيننا بالنصر فيه وبسيادة الحق وتمكينه من لا يعرف قيمته عند المسلمين، ومكانته في قلوبهم ورمزيته في نفوسهم وذاكرتهم، فإن له أبعادًا تاريخية عظيمة، وفضائل كبيرة على المجاهدين في خنادقهم وعلى العباد الصائمين في مساجدهم ومنازلهم وأسواقهم، ففيه تعلو راية المؤمنين وينتصر المظلومون، وتفتح البلاد ويعز المؤمنون ويخيب الظالمون، ففي رمضان كانت غزوة بدر، فانتصر الله للفئة التي ظلمت وأخرجت من ديارها، فانطلقت حرة تنشر النور المبين في كل أرض وطأتها.رمضانُ أرجعْ لنا بدْرًا تَموجُ سَنًا تختالُ أقمارُها في أفقنا غُرَرَامرَّتْ سنينٌ ولم تَخْفقْ بيارقُها نُورًا تهيمُ به دوحٌ لنا وذُراوفي شهر رمضان من السنة الثامنة أعز الله دينه ونصر جنده، ودخل المسلمون مكة فاتحين بعد أن خرجوا منها كارهين، ودخل الناس في دين الله أفواجا، وغدًا يعود النازحون السوريون إلى أوطانهم بعد انهزام الباطل وقطع دابر المجرمين.وفي شهر النصر وقت معركة الزلاقة في الأندلس، واستطاع المسلمون بقيادة الشيخ يوسف بن تاشفين هزيمة ملك قشتالة ألفونسو السادس، فأوقفوا الزحف النصراني وكسروا شوكته وجرعوا أهله المنايا.وفي شهر العزة كان المظفر قطز وركن الدين بيبرس على موعد مع التتر في عين جالوت، فتمكن جند الله من قتل أعداء الله الذين استباحوا بغداد شر قتلة، فكتب النصر على أيديهم ودخلوا الشام فاتحين، كما سندخل دمشق حاضرة الأمويين، وإن غدًا لناظره قريب.وفي شهر التمكين داس الثوار الليبيون عقودا من الظلم والفساد وكسروا صنم معمر القذافي لتتهاوى بعده اﻷصنام العربية التي سامت شعوبها سوء العذاب، تمكنوا من فتح مدينة طرابلس وطهروها من نظريات القائد اﻷخضر.إن الحوادث العظيمة التي سطرها أبناء الأمة بدمائهم تتكرر كلما اعتدى على أرض المسلمين معتد، وإننا لا نستعرضها لنرددها على المنابر ونأخذ دور حكواتية رمضان، ولكن لنعيدها حية واقعية ونستفيد منها العبر والدروس، فعلينا أن نتوقف عندها مليا في رمضان لنعد لها الأسباب من رص الصفوف وتوحيد الكلمة، فلا بد أن نعيد هذا العام إلى رمضان ألقه وقيمته وانتصاره ووجهه الحقيقي بعد أن حاول أعداء الأمة وأبناؤها الغافلون المغفلون أن يشوهوا صورته ويجعلوه شهرًا للطعام والشراب والطرب والمعاصي والمنكرات.فافتحوا قلوبكم لسيد الشهور، تتحررْ القلوب وتتحررْ الأرض وترفعْ راية الحق من جديد بأيديكم.زادي الدعاءُ وفي الرجاء سفينتي وإذا ضللتُ فمرشدي رمضانُ