سلوى عبد الرحمن |
تغزو دورات “تمكين المرأة” المناطق المحررة في الشمال السوري، فمعظم المنظمات والجمعيات الدولية والمحلية تتوجه عبر برامجها ومشاريعها لمساعدة المرأة إيجاد فرص عمل لها لأهمية دورها في بناء الأسرة والمجتمع، ولكن ألا تعد الزيادة في ذلك على حساب عمل الشباب والرجال وتطوير أدائهم ومهاراتهم؟!
“مجد 22 عامًا” أحد الشباب في مدينة إدلب والحاصل على الشهادة الثانوية العامة يشتكي من مزاحمة المرأة للرجل في لقمة عيشه، فقلة استهداف الذكور بدورات أو ورش تدريبية تقلص من فرصنا في العمل، مقارنة مع تلك التي تستهدف المرأة، مضيفًا بأنه عمل لمدة 3 أشهر مع إحدى المنظمات الإغاثية بعمل طوعي مقابل سلة إغاثية، في حين تم تعيين بعض المتطوعين معظمهم من الفتيات من أصحاب الواسطات في المنظمة بشكل دائم، لم يتثنَ (لمجد) متابعة دراسته بسبب مصاريف الجامعة المرتفعة لعدم وجود فرصة عمل، في حين تملك بعض الفتيات عملًا بعد خضوعها لدورات متعددة دون أن تحمل أي شهادة علمية، حسب رأيه.
“أحمد الخطيب” مدير منظمة تكافل الشام الخيرية يقول: “معظم الشباب لم يتمكنوا من متابعة دراستهم بسبب ظروف الحرب أو منهم من كان يعمل بمهنة لم تعد مفيدة له في وقتنا الحالي، لذلك نحاول ضمن مشاريعنا تعليم الشباب من ذكور وإناث كلٌّ حسب اختصاصات تناسبه مهنة يستطيع الشباب بعدها الدخول إلى سوق العمل والإنتاج وبناء المجتمع ونهضته، فمهن الذكور تكون كصيانة السيارات والموبايلات والحاسوب والطاقة الشمسية والإدارة المكتبية…”
إنَّ لتجاهل الرجال وعدم استهدافهم من قبل منظمات المجتمع المحلي آثار كارثية في المستقبل آثارها موجودة حالياً كالسرقة والتسول والعنف أو ربما التطرف وتشكيل جماعات متشددة، حسب ما أكد “الخطيب”.
من جهتها، عبّرت “جميلة الزير” مديرة مدرسة للإناث في مدينة إدلب لصحيفة حبر بقولها:
“طالما أن المرأة لديها رجل يعيلها فلا داعي لأن تأخذ دوره خارج المنزل، إلا ضمن مجالات خاصة بها، على سبيل المثال أنا أعمل في قطاع التربية وحصرًا في مدارس الإناث لأعطي فرصة للذكور للعمل ضمن مجالات تصلح لهم كالعمل في المنظمات”.
وأضافت “الزير” أن معظم المشاكل الأسرية تأتي من شعور بعض النساء بالتفوق على الرجل في العمل، بالمقابل يشعر الرجل أنه عبء وعالة على زوجته أو أخته أو ابنته، لذلك يجب على المنظمات في المرحلة المقبلة التركيز بشكل أكبر على بناء الرجل وتمكينه ضمن اختصاصات مناسبة له لزيادة فرص العمل لهم بنسبة 80% بهدف إعادة التوازن للمجتمع.
تمكين وإيجاد فرص لفاقدات المعيل
تُعنى منظمة “بارقة أمل” النسائية في مدينة إدلب بتمكين المرأة السياسي والاقتصادي والاجتماعي ضمن البيئة المحيطة ومبادئها، مديرة المنظمة (ندى سمّيع) تقول: “نسعى ضمن منظمتنا لرفع معنويات فاقدات المعيل من زوجات معتقلين وأرامل ومطلقات عشنَ في ظروف صعبة. معظم الدعم الذي نقدمه معنوي يقوي بناء الأسرة لتربي المرأة أطفالها على أسس سليمة، وأيضا لإتاحة الإمكانيات لها في إيجاد فرصة عمل تحفظ لها كرامتها”.
بدورها أشارت (د. نجوى الأشقر) مديرة جامعة أكسفورد في إدلب “لست مع دور المرأة بأخذ مكان الرجل في الصناعة والتجارة؛ لأن هذا قد يعرضها نتيجة ابتعادها عن جوهر عملها في التربية وبناء الأسرة للاستغلال بكل أنواعه.”
صحيح أن العبء الأكبر يقع على عاتق المرأة وأنها الفئة الأضعف والأكثر تضررًا في هذه الحرب، إلا أن زيادة التركيز عليها وإهمال الشباب قد يؤدي إلى مشاكل نفسية وأسرية ومجتمعية لا يمكن إصلاحها بسهولة في المرحلة المقبلة إن لم يتم إيجاد حلول دائمة لها.