أصبح حساب “ما كان ينبغي الحذف” على تويتر الذي ينشر منذ 2017 كل التغريدات ذات المحتوى المحرج التي تراجع أصحابها عنها وحذفوها نجما على شبكة التواصل يتابعه أكثر من 36 ألف متابع رغم أن صاحبه مجهول الهوية.
وقد أصبح هذا الحساب -الذي رمزت صحيفة لوموند الفرنسية لصاحبه باسم “تابي”- مثارا لجدل واسع في فرنسا، خاصة أنه يكتشف ويسحب بسرعة التغريدات المحذوفة وذات المحتوى المحرج، مما جعل شهرته تطير بين الناس.
ويوم الاثنين الماضي 25 فبراير/شباط الماضي نشر تغريدة بغيضة لمدير التسويق في شركة نوسيبي الفرنسية ضد الكوميدي ياسين بلعطار، مما أدى إلى توقيف هذا المدير عن العمل من قبل سلسلة متاجر مستحضرات التجميل.
وكان حساب “ما كان ينبغي الحذف” هو الذي نشر التغريدات العنصرية والمعادية للسامية التي كتبتها المحامية إيمانويل جيف التي أعلنت أنها ستكون في وضع يؤهلها للترشح على قائمة حزب السيادة “قفي فرنسا” في الانتخابات الأوروبية في مايو/أيار المقبل، إلا أن الفضيحة أفقدتها ذلك الوضع.
المحذوف يشهد
ونفس الحساب “ما كان ينبغي الحذف” هو الذي كشف نشاط أعضاء رابطة “لول” (LOL) الساخرة، وهم ثلاثون صحفيا وإعلاميا متهمون بالتحرش الجنسي وكراهية المثليين عبر الإنترنت، إذ نشر بعد ساعات قليلة من اندلاع الفضيحة في 8 فبراير/شباط على الهواء مباشرة عدد التغريدات التي كان كل واحد منهم قد حذفها في موجة التطهير غير المسبوقة التي قاموا بها، بحسب الصحيفة.
وتساءلت لوموند عمن يقف وراء هذا الحساب، وأكدت أنه رجل حسب علمها، لكنه كتب للصحيفة من “البريد المشفر” (ProtonMail) “لن أتحدث عن أي بيانات شخصية، ولن تعلموا من أين أتحدث”.
وأشارت إلى أنه أنشأ حساب “ما كان ينبغي الحذف” عام 2017 مستوحيا الفكرة من موقع أرشيف الويب الأميركي، ومن مقاربة مناهضة للرئيس الأميركي دونالد ترامب تجمع كل تغريدات الرئيس، بما فيها تلك التي حذفها.
“ضربة ضغط”
وكان مما أطلق شرارة هذا الحساب حذف لاعب كرة القدم الفرنسي أنطوان غريزمان تغريدتين محرجتين ومثيرتين للجدل ضد لاعب كرة سلة أسود.
وكان ذلك “مثل التظاهر بأن شيئا لم يحدث” كما يوضح “نصير الشفافية” الذي يرى أن تغريدة محذوفة قد تقول أكثر من ألف تغريدة أخرى، حيث يقول إن “بعض الحذف يكشف عن أحد الوجوه الخفية للمغردين”، سواء التغريد وقت الغضب أو حذف تغريدة تحت الضغط.
ويوجه صاحب حساب “ما كان ينبغي الحذف” الكلام إلى “أولئك الذين يلمزون ثم يحاول التصحيح” قائلا “وظيفتي هي إعادة نشر ما تحذفه، لا نشر التفسيرات التي تترافق معه”، كما تقول الصحيفة معلقة بأنه “لا يرحم”.
صورة شاشة من حساب المغرد “لا ينبغي الحذف” (مواقع التواصل الاجتماعي) |
وقالت الصحيفة إن طريقة صاحب الحساب ولهجته تزعجان الكثير من المراقبين في الشبكات، وضربت على ذلك مثلا بأنه لم يتردد -عند اندلاع قضية رابطة لول- في الضغط بسادية على أحد أعضائها، عندما أعطاه مهلة ساعتين للاعتراف قبل أن يظهر له ملفات قديمة.
لست وحدي
وقالت لوموند إن صاحب “ما كان ينبغي الحذف” لا يفرض على نفسه أي وتيرة للنشر، لكنه في بعض الأحيان يقضي ساعات عدة في اليوم لتغذية حسابه، ووفقا لما كتب لها، فإن عمله يتم بطريقة تقليدية إلى حد ما، مع أنه يعتمد جزئيا على “سوشال بليد” (Social Blade)، وهو أداة تحصي جميع العمليات التي تتم على أي حساب.
ويؤكد صاحب الحساب أن بعض الناس يتصلون به على الخاص للتنبيه إلى محتوى محذوف أو محتمل الحذف قائلا “لست وحدي، العديد من المغردين يشاركونني، وبالطبع أتحقق من كل ما يرسلونه لي”.
وتساءلت لوموند: كيف يختار “ما كان ينبغي الحذف” أهدافه؟ لترد بأنه يدعي أنه لا يملك خطا تحريريا، فهو لا يغادر صغيرا ولا كبيرا، من حزب “فرنسا المستعصية” إلى حزب التجمع الوطني، إلى لاعبي كرة القدم إلى الصحفيين، مشيرا إلى أن قوة عزمه ليست نابعة من التزام سياسي، بل من موقف أخلاقي تشاركه عدالة أخرى على شبكة الإنترنت، مثل إدوارد سنودن، وغلين غرينوالد.
وختمت الصحيفة بأن النقاش بشأن حماية البيانات الشخصية وتجاوزات الإنترنت مألوف بالنسبة لصاحب هذا الحساب الذي يرى أن تويتر مجال عام، وأي تغريدة تنشر عليه تصبح في الفضاء العام، أما “الحق في النسيان” فهو لا يتوافق مع الإنترنت كما يتصورها، ولذلك لا يوجد نقاش بشأن هذا الموضوع، حسب رأيه.