سلوى عبدالرحمن |
تنهمك المنظمات العالمية والجمعيات ووسائل الإعلام بالاحتفال في اليوم العالمي للمرأة المصادف للثامن من آذار/مارس من كل عام في كل العالم، وتختلف بفعالياتها وأنشطتها وخطاباتها من دولة لأخرى، لكن لهذا اليوم طعم خاص في سورية وبالذات في المناطق الخارجة عن سيطرة الأسد، حيث تستباح دماء الجميع دون استثناء، وتنتهك حقوق المرأة على مرأى ومسمع العالم، وبين ندوات ووقفات احتجاج للمطالبة بحقوق النساء والمساواة مع الرجل. لا أجد شخصيًا في هذه الاحتفالات والتكريمات فائدة ولن تستطيع أن تخفف من معاناتها.
تقول الأمم المتحدة: إن اليوم العالمي للمرأة فرصة متاحة للتأمل في التقدم المنجز والدعوة للتغيير وتسريع الجهود التي تبذلها النساء وما يضطلعنَ به من أدوار استثنائية في صنع تاريخ بلدانهنَّ ومجتمعاتهنَّ.
هذا إلى جانب أنها تسعى للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد النساء في كل مكان، وعلى جميع أشكال العنف ضدهنَّ سواء في حياتهنَّ الخاصة أو في أماكن عملهنَّ، بما في ذلك الاتجار بهنَّ والاستغلال بكافة أنواعه.
في يوم المرأة الجميع يتحدث عن حقوقها وإنجازاتها، لكن ماذا عن تلك النساء اللواتي من لم يساندهنَّ أحد أو أعاقتهنَّ الظروف عن التقدم والنجاح، كثيرات لا يعلمنَ أساسًا بهذا اليوم، ولماذا كان، ولا يعنيهنَّ هذا اليوم لا من قريب ولا من بعيد.
رغم أن الاحتفال باليوم العالمي للمرأة تجاوز المئة عام، ورغم أن المرأة حققت الكثير خلال سنين القرن الماضي، وفي بعضها وصلت إلى أعلى المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية في العالم، إلا أن هذه الاحتفالات هل أثبتت فعاليتها بشكل واقعي في الدول التي تحتاج بها المرأة للمساعدة؟ هل فعلًا تخلصت المرأة من الظلم ونالت حقوقها؟ هل تمكنت المنظمات الدولية حمايتها من الانتهاكات الجسدية والنفسية التي تعرضت لها خلال الحروب؟ ماذا فعلت الأمم المتحدة يوم تهجير واعتقال آلاف النساء السوريات؟
اليوم العالمي للمرأة مثله مثل باقي الأيام، بل هو احتفال بالعار، فهو لم يؤدِّ إلى تغييرات جذرية، وأهميته تكمن في رمزيته لتذكر قصص كفاح نساء أو ضحيات لحدث معين، فإياكِ أن تكتبي عن نساء خلدهنَّ التاريخ في يوم المرأة العالمي، فلا نساء أعظم من السوريات، ولا ترضي أن تكوني ضحية، فأنت لست رُبعًا في كوتا أو نصف مجتمع أو ثلثًا في منشأة، أنت الكل حين يتحقق العدل، أنت تحتاجين للعدل وليس للمساواة، وما عليك إلا أن تناضلي وتثابري لنيل حقوقك التي شرعها الله لك.
يا سيدتي أنتِ العالم بأسره وكل أيام السنة لك، أنتِ الأم والمربية للذكور والأخت والابنة والعمة والخالة، أنت المرأة معلومة كنت أم مجهولة، ولستِ بحاجة إلى يوم خصصته لك الأمم المتحدة لتتساوي مع الرجل أو لتحض الرجال على إعطائك حقوقك.
سحقًا لهذا العالم الذي يُوزع الورود على نساء العالم في عيدهنَّ وينسى الأم السورية التي مازالت تنتظر استلام جثمان ابنها لتضع عليه ورودًا، أو تريد أن تعرف مكان ابنها المفقود، وتبًا لشعارات الأمم الرنانة التي علمت بوجود آلاف المعتقلات في أقبية النظام ولم تحرك ساكنًا.
إن أردتِ أن تحتفلي فتذكري أن رفيقاتك السوريات فقدنَ أولادهنَّ حرقاً وغرقًا وقصفًا وجوعًا وتعذيبًا وقهراً، تذكري قريباتكِ اللواتي شهدت الأمم هجرتهنَّ ما يزلنَ في الخيام، تذكري اللواتي ابتلع البحر كل أولادهنَّ، أو ماتوا كلهم بصاروخ في يوم واحد، اقرئي الفاتحة وتذكري.