“عالم تفخر به الحضارة الإسلامية، مؤسس علم الاجتماع، وأول من وضعه على أسسه الحديثة، توصل إلى نظريات باهرة في هذا العلم حول قوانين العمران ونظرية العصبية وبناء الدولة”.. إنه عبد الرحمن بن محمد بن خلدون أبو زيد.
ولد ابن خلدون في تونس عام 732هـ ، وله العديد من الإسهامات، ويعتبر مؤسس علم الاجتماع أو علم العمران البشري.
كان والده هو معلمه الأول كما درس على يد مشاهير عصره من علماء الأندلس الذين هبطوا إلى تونس، فدرس القراءات والتفسير والفقه المالكي والتوحيد، وعلوم اللغة والمنطق والفلسفة والطبيعة والرياضيات وعمل بالوظائف العامة وعينه السلطان أبوعنان، ملك المغرب الأقصى، عضوًا في مجلسه العلمي في فاس، وساقه طموحه للسفر إلى الأندلس، ولقي حفاوة هناك، لكنه تركها بعد فترة .
تنقل ابن خلدون بين كل من مراكش والأندلس وتونس ثم إلى القاهرة ووجد هناك شعبية هائلة له فعمل بها أستاذًا للفقه المالكي ثم قاضيًا وبعد أن مكث بها فترة انتقل إلى دمشق ثم إلى القاهرة ليتسلم القضاء مرة أخرى، ونظرًا لحكمته وعلمه تم إرساله في عدد من المهام كسفير لعقد اتفاقات للتصالح بين الدول، حيث تمكن من إيجاد الوقت للدراسة والتأليف .
شغل ابن خلدون عدد من المهام أثناء حياته فتنقل بين عدد من المهام الإدارية والسياسية، وشارك في عدد من الثورات فنجح في بعضها وأخفق في الأخرى مما ترتب عليه تعرضه للسجن والإبعاد.
وتمتع ابن خلدون بمكانة علمية عالية سواء على المستوى العربي أو العالمي، فيقول عنه المؤرخ
الإنجليزي توينبي في المقدمة التي كتبها ابن خلدون في تاريخه العام، أدرك وتصور وأنشأ فلسفة التاريخ وهي بلاشك أعظم عمل من نوعه خلقه أي عقل في أي زمان .
من أهم مؤلفاته كتاب المقدمة الذى كان مقدمة لمؤلفه الضخم كتاب العبر و ديوان المبتدأ والخبر الذي تناول فيه جميع ميادين المعرفة ويتضمن أحوال البشر واختلاف طبائعهم ، كما تناول أيضًا تطور الأمم والشعوب، وبهذا الكتاب سبق وتفوق ابن خلدون على غيره من المفكرين والمؤرخين حتى اعتبر المؤسس الأول لعلم الاجتماع سابقًا غيره من الفلاسفة في هذا الوقت وأيضًا كتاب العجم والبربر وغيرها .
وظل ابن خلدون بين رضا ووشاية وسخط وفرار إلى أن هبط لمصر فلقي ترحيبًا من أهلها وعلمائها، وسلطانها «الظاهر برقوق»، الذي ولاه قاضيًا لقضاة المالكية ولاحقته الوشايات والمكائد المصرية فعزله السلطان، إلى أن عاد ثانية للمنصب، ثم وافته المنية في مصر ودفن في المقابر الصوفية فى 16 آذار 1406 ، ومازال التاريخ يذكره بأنه الرائد الأول لعلم الاجتماع .