ولد الشيخ “ياسين” عام 1938 في الوقت الذي كانت فيه فلسطين تحت الانتداب البريطاني، وبعد إصابته بالشلل إثر حادث تعرض له في طفولته، كرس شبابه لطلب العلوم الإسلامية، حيث درس في جامعة الأزهر في القاهرة.
وانضم “ياسين” مبكرا إلى حركة “الإخوان المسلمون”، وتأثر بمؤسسها الإمام “حسن البنا”، ليتم اختياره عام 1968 لقيادة الحركة في فلسطين، فأسس عقب ذلك الجمعية الإسلامية ثم المجمع الإسلامي، ومن بعدها ساهم في تأسيس الجامعة الإسلامية.
امتزجت تركيبته الشبابية بالجمع بين العمل الدعوي والجهادي، وبدا أن نشاطه وقدرته على التأثير في المواطنين أزعج الاحتلال، فأمر عام 1982 باعتقاله، ووُجهت إليه تهمة تشكيل تنظيم عسكري وحيازة الأسلحة، ليصدر عليه حكم بالسجن مدة 13 عامًا.
ولكن الاحتلال أطلق سراحه عام 1985، في إطار عملية تبادل للأسرى، ليخرج للنور واحدا من أبرز رموز فلسطين، وأحد رجالات النضال حول العالم.
اتفق الشيخ عام 1987، مع مجموعة من قادة العمل الإسلامي في القطاع على تكوين تنظيم إسلامي لمقاومة الاحتلال وتحرير فلسطين أُطلق عليه اسم “حركة المقاومة الإسلامية”، وعرفت فيما بعد اختصارًا باسم حركة “حماس”.
وبعدها أصبح “ياسين” هو الأب الروحي للحركة والانتفاضة، وتكفل الشيخ منذ بداية الحركة بمهام متابعة الجهاز العسكري للحركة “كتائب القسام” منذ بدايته في عام 1987.
ألقى الاسرائيليون القبض عليه عام 1989، وأصدروا بحقه حكما بالسجن مدى الحياة وذلك لأنه أصدر أوامره بقتل كل من يتعاون مع الاحتلال، لكن أطلق سراحه عام 1997، في عملية تبادل تم بموجبها إطلاق سراحه مقابل عميلين إسرائيليين كانا قد حاولا اغتيال مسؤول “حماس” في عمان، “خالد مشعل”.
وفي عام 1998 بدأ الشيخ وللمرة الأولى جولة عربية التقى خلالها عددًا من رؤساء تلك الدول، وسط استقبال شعبي كبير.
ومع إصراره على نهج المقاومة، فُرضت على “ياسين” الإقامة الجبرية مرتين، ورغم ذلك حافظ على علاقات طيبة مع السلطة الوطنية الفلسطينية والدول العربية الأخرى، إيمانا منه بأن الفرقة تضر بمصالح الفلسطينيين.
كان يكرر دائما “أن ما يسمى بالسلام ليس سلاما بالمرة، ولا يمكن أن يكون بديلا للجهاد والمقاومة”، وعمل في عام 2001 على تسليح المقاومة الفلسطينية، وكان يدعو كل الشباب الذين يستطيعون شراء السلاح أن يساهموا بجزء من المبلغ على أن تساهم الحركة بالجزء الآخر.
دعم فصائل المقاومة، إيمانا منه بأن هذه الأجسام المقاومة المتنوعة سيُخلق عندها الإبداع، وسيخلق هاجسا للاحتلال من جانب، وسيخلق تنافسًا على أرض الميدان من جانب آخر.
مثل “ياسين” مصدر إلهام كبير للأجيال الفلسطينية الصاعدة الذين خيبت العملية السلمية المتعثرة مع (إسرائيل) آمالهم.
وفي 6 سبتمبر/أيلول 2003 تعرض لمحاولة اغتيال حين استهدفت مروحيات الاحتلال شقة في غزة كان يتواجد فيها، وأصيب حينها بجروح طفيفة.
وربما نالت صواريخ فجر الـ22 مارس/آذار من جسده النحيل، لكنها لم تنل من روح المقاومة والفداء التي غرسها الشهيد الحي في نفوس الفلسطينيين، وسطرت معهم انتفاضات وعمليات استشهادية، وهجمات نوعية، ورحلة صمود مهدت طريق مسيرات العودة.