عبد الحميد حاج محمد |
لن تنجح ثورة ما إذا لم يدعمها الفكر والعلم، ولعل أحد أبرز المؤثرات في الثورة على النظام هو الفن الذي يعشقه كل سوري، وخصوصًا عندما يكون الفن حرًّا ينطق بالحرية ويمثلها.
(وليد شلاش) ابن مدينة سراقب التحق بالمسرح منذ عام 2008 في مدينة إدلب، عشق المسرح وولع به، حصل على المرتبة الأولى بالتمثيل المسرحي على المحافظة عام 2011
(وليد) والثورة..
منذ انطلاق الثورة في أيامها الأولى انضم وليد إلى الأحرار وشق طريقه الخاص بمحاربة النظام، فلجأ إلى المسرح لمقاومة أعداء الحرية، وبدأ بتقديم عروضه في مدينة سراقب بمسرح صغير رواده الأطفال وعنوانه الحرية، وفي ذلك يقول في لقاء خاص مع صحيفة حبر: “منذ صغري كنت عاشقًا ومولعًا بالمسرح، عملت بعدة أنواع من المسرح منها مسرح الحارة الذي يُطلق عليه الأطفال (تلفزيون الحارة) وقمت بأول عرض بأحد أحياء سراقب، وبعدها قدمت عروضًا في أغلب الأحياء وبعض المدارس، وأحيانا أقدم عروضًا خارج المدينة. حاولت في هذا النوع أن أعمل مع الأطفال المتسربين من المدارس، وكنت أدعهم يساعدونني بتقديم العروض كي أزيد من ثقتهم بنفسهم.”
لم يكتفِ وليد بهذا النوع وحسب، بل عمل بنوع آخر من أنواع الفن صنفته اليونسكو ضمن دائرة الخطر في سورية بعد قيام قوات الأسد باعتقال متبنيه الفنان (زكي كورديللو) عام 2011 الذي وضع فن خيال الظل على عاتقه بعد وفاة آخر المظللين (عبد الرزاق الذهبي).
وعن هذا الفن يحدثنا وليد بقوله: “عملت بهذا الفن لإبقاء ذكرى الفنان (زكي) حاضرة كونه من حافظ عليه في سورية إلى أن طالته يد الإجرام وغيبته في السجن.”
وأردف قائلاً: “إن أغلب المسرحيين لا يعملون في خيال الظل كونه أصعب أنواع المسرح، حيث يحتاج إلى أن تُقلد شخصيتين مختلفتين في مشهد واحد ووقت واحد، وقد صُمم هذا النوع من المسرح للكبار كونه يناقش قضايا عديدة وأهمها السياسة التي نقلها أغلب المظللين في العالم عن طريقه، لكني قدمت عروضًا من خيال الظل للأطفال كي أُحببهم وأشد انتباههم إلى هذا النوع من المسرح واتدرج معهم من خلال الموضوعات التي أتكلم بها من خلاله، مما يجعلهم عندما يكبرون يعشقون هذا النوع ويحافظون عليه كونه تراث يخشى ضياعه.”
وقد قدم وليد عدة عروض من مسرح خيال الظل، كان آخرها في افتتاح المركز الثقافي العربي في إدلب، وأخبرنا أنه حاليا يُحضِّر مع فرقة (مياس) مسرحية تحمل اسم (خيال كورديللو) تتحدث عن المعتقلين والمهجرين، وسوف تُعرض في كل من سورية ولبنان وتركيا في اليوم نفسه.
لم تكن العروض التي يُقدمها (وليد) عبارة عن عروش تمثيلية بهدف التسلية، بل يحاول أن يجعل محتوى العروض محتوى علميًا يقوي الطفل المتلقي، وفي كل عرض من عروضه يشرح للأطفال معنى ذاك العرض ونوعه.
لم يكن اهتمام وليد بالمسرح فقط، بل بالتمثيل أيضًا، كان يكتب ويصور سكيتشات متنوعة تتناول قضايا اجتماعية تتضمن شخصيات سلبية وإيجابية يناقش من خلالها قضيةً ما وينشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، يقول: “عملت مع المكتب الإعلامي لمدينة سراقب على إنتاج سكيتشات ذات محتوى قيمي، تتكلم عن واقعنا سلطنا من خلالها الضوء على موضوعات معينة تساهم في نهضة المجتمع وتحث على الإيجابية وتحذر من السلبية.”
إن العالم ينظر إلى إدلب على أنها منبع للإرهاب، لكن (وليد) يحاول مقاومة العالم بفنه وإظهار الحياة في إدلب على أن الثورة ليست إرهاب، بل هي كرامة وحرية وإنسانية، وعن هدفه يُخبرنا في نهاية حديثنا معه: “هدفي تدريب الأطفال ليكونوا قادرين على تقديم العروض بأنفسهم حتى تصل رسالتنا إلى العالم بأننا مقاومون لا تقتلنا الحرب ولا الصواريخ، فمسرحنا في الشمال أقوى من صواريخ الأسد وكل البشاعات من حولنا.