عبدالملك قرة محمد |
تشهد الساحة السورية تحولات سياسية وعسكرية معقدة، فعلى الجانب السياسي نرى تقارب وجهات النظر التركية الروسية في بعض الأمور وابتعادها في أمور أخرى وما سينتج عن ذلك من قرارات دولية بشأن إدلب، كما يبدو أن مؤتمر سوتشي القادم سيحمل في طياته مفاجآت جديدة.
بالمقابل نجد عسكرياً أن الصراع الإيراني الروسي سيؤدي إلى زيادة تحجيم جيش الأسد من جهة أخرى، فقد تمنح مسألة الجولان فرصة جديدة للأسد لإثبات نفسه بدعم إسرائيلي خاصة أن الدعم الإيراني والروسي كما ذكرنا قد أدى إلى صراع على السلطة التي يستثنى منها الأسد وجيشه المتهالك.
للوقوف عند هذه التحولات على الجانبين العسكري والسياسي وتحليل الأحداث الأخيرة التي جرت فوق الأرض السورية وتحت الطاولات الدولية، التقت صحيفة (حبر السورية) مع المحلل العسكري والإستراتيجي العميد الركن (أحمد رحال) وتم الحوار معه في نقاط عدة تتناول آخر التطورات السياسية والعسكرية نلخصها بالآتي:
– الانتخابات التركية وتأثيرها على التقارب بين روسيا وتركيا
“بدايةً علينا أن ندرك أن هناك أساليب غش مُورست في الانتخابات، وحزب العدالة والتنمية مايزال يمتلك القوة والقرار السياسي، بالإضافة إلى أن الانتخابات التركية شأن خدمي داخلي لن يؤثر على العلاقات الروسية والتركية، فحزب العدالة لو خسر كل البلديات يبقى ممتلكاً القرار السياسي”.
– ما الشكل الذي يتجه إليه جيش الأسد في ظل الصراع الروسي الإيراني؟
” الأسد لم يعد لديه جيش ذو قدرة أو مؤسسات، فالمؤسسة الأمنية والعسكرية لديه متقاسمة بين الإيرانيين والروس حتى الفرقة الرابعة التي تُعد عماد السلطة المتبقية فقد أصبحت بيد إيران، لكن بالمقابل لم يئن الأوان بعد للدخول بعملية صراع روسي إيراني، فروسيا تريد ثمناً لإخراج إيران من سورية، وهذا الثمن لن يكون من إسرائيل بل من أمريكا، قد يكون من خلال تخفيف العقوبات الاقتصادية أو الموافقة على احتلال جزيرة القرم، ربما أيضاً صفقة ترتبط بفنزويلا أو الدرع الصاروخي، لذلك فما يحصل هو تحصين لمواقع النفوذ، فكل منهما يحاول إيجاد مكان على طاولة الحل السوري، أما الغائبان فهما المعارضة والنظام.”
– هل يمكن أن نعد الفصائل المسلحة في درعا التي لايزال بعضها محافظاً على هيكليته فصائل معارضة وخصوصاً تلك التي انحازت للروس مثل الفيلقين الخامس والسادس؟
” كل من ارتبط بالروس أو الإيرانيين أو نظام الأسد فهو لم يعد معارضة؛ لأنهم يتحالفون مع من يقتل الشعب السوري، وأنا لا أقبل بأي فصيل يتحالف مع روسيا أو إيران أو النظام أن يُقال عنه فصيل معارضة، فهؤلاء عملاء وخونة ليس بسبب المصالحات فقط، فقد كشفت أدلة أنهم قبل سقوط حوران كانوا ينسقون مع فصيل القدس والنظام، لذلك فالخيانة ليست جديدة عليهم بل قديمة، وكيف نطلق عن فصيل أنه معارض إذا كان يقاتل مع من يعارضه أي مع العدو؟!”
– هل يمكن أن يتم هجوم لقوات النظام على إدلب؟
“من ضمن رغبات النظام وإيران أن يشنّا هجوماً على إدلب، أما روسيا فهي مرتبطة باتفاق مع تركيا لكنها لا تُجبر النظام على وقف الخروقات، فهي تحاول الضغط على تركيا، وأعتقد أن أمر الهجوم الكاسح والعريض والكامل للنظام على إدلب أمر مستبعد، فروسيا تعرف بأن النتائج العسكرية ستصب في مصلحة إيران، ومنعكساته السياسية الاجتماعية والأخلاقية ستنعكس سلباً على موسكو، وهذا لا يعني توقف القصف والخروقات، فالموضوع بحاجة إلى ضغط تركي وغربي قوي، والفصائل المحسوبة على الثورة هي القادرة على إيقاف هذا الدمار، وهنا لا بد أن نسأل: لماذا تحملون السلاح؟ ولمن تحملون السلاح؟ لماذا لا تحمون أهلكم؟ وأوجه كلامي إلى كل الفصائل، كل من لا يحمي الشعب السوري لا يستحق كلمة ثائر، بل هو أقرب إلى النظام من الشعب السوري الحر.”
– ما الدور الكردي في المرحلة القادمة وخاصة بعد تعالي شأنه الدولي على خلفية نهاية داعش على يده؟
“هناك جهود واضحة لمحاولة إنشاء وطن كردي، وهذا المشروع قُوبل بالرفض لا سيما من قبل تركيا، لكن بعد الانتخابات في كردستان وتخلي أمريكا عن كردستان العراق شعر أكراد سورية بأنهم ليسوا أفضل من كردستان العراق، لذلك طالبوا بالفيدرالية ونظام الأسد رفض والثورة أيضا رفضت هذا الأمر إذًا كان مقدمة للانفصال.
أيضاً علينا أن نفرق بين الشعب الكردي الذي يعد شريكنا بالوطن والثورة وبين الميليشيات الكردية المسيطرة على المشهد الكردي وهؤلاء لا يشكلون أكثر من 15% من القرار الكردي، لذلك فهم يغردون بعيداً عن مطالب الشعب الكردي.
كما أن قسد إذا ما أرادت أن تعود إلى صفوف الثورة فعليها إبعاد كل الانفصاليين وفك الارتباط مع الأحزاب الكردية، ثم البحث مع المعارضة السورية لإيجاد حل مشترك وضم الجهود إلى بعضها البعض، فالظلم أصاب كل الفئات ولم يُفرق بين كردي وعربي، لذلك علينا توحيد الجهود لإسقاط هذا النظام.”
– ماهي المحاور التي يجب أن يفاوض عليها السوريون لا سيما مع اقتراب موعد سوتشي جديد؟
” بالنسبة إلي فإن أي مفاوضات لا يكون شرطها الأساسي رحيل الأسد، غير مقبولة وما يحدث الآن هو عملية تمرير الوقت دون أي نتائج فعلية، فمحادثات جنيف لم تُطلق معتقلاً واحدًا ولم تُدخل سلة إغاثة واحدة للداخل، ولم تستطع تقديم خطوة واحدة في مجال الحل السياسي.
أما أستانة فقد فرطت بأغلب المناطق المحررة تحت ما يسمى بمناطق خفض التصعيد، وأي مفاوضات لا يكون شرطها الأساسي إخراج المعتقلين وسقوط الأسد فهي مفاوضات عبثية.”
– كيف ستنعكس مسألة الجولان على الأسد؟ وهل ستساهم في منحه شرعية دولية أكبر بعد التقارب مع إسرائيل؟
“الجولان هو البقرة الحلوب لحافظ الأسد، فهو الذي منحه السلطة المطلقة عندما تنازل عنه لإسرائيل بموجب صفقة لندن، والآن يتنازل عنه بشار الأسد نهائياً ظناً منه أن ذلك قد يمنحه البقاء.
الجولان لا يمكن سلخه عن سورية، صحيح أن هذا صعب في ظل الظروف السياسية، ولكن سيأتي يوم لتحرير الجولان لكن ليس في ظل نظام الأسد، وليس علينا أن نستغرب من أن نظام الأسد قد باع الجولان، فهو قد باع كل المناطق لداعميه حتى لم يتبق له شيء يحكمه، وبالتالي الجولان جزء من سورية التي تخلى عنها بشار الأسد للمحافظة على خازوق السلطة.”
نشكر في نهاية لقائنا سيادة العميد الركن (أحمد رحال) المحلل العسكري والسياسي الذي تطرق معنا لأغلب القضايا السياسية والعسكرية التي شغلت الشارع السوري في الفترة الأخيرة وتداولها السوريون بكثرة، وذلك في سبيل زيادة الوعي السياسي عند السوريين لقراءة أفضل لسير الأحداث السياسية والعسكرية.