محمد حمروش |
استبشر المزارعون خيرًا هذا العام بالأمطار الغزيرة التي هطلت، إلاّ أن آمالهم لم تستمر طويلاً حتى اجتاحت الأمراض الفطرية الكثير من الحقول في الشمال المحرر، فرغم الخير الوفير الذي نزل من السماء هذا الشتاء إلاّ أن هناك أضراراً كبيرةً لحِقت بعددٍ من المزروعات، بسبب الرطوبة المرتفعة جداً، فضلاً عن غرق مساحاتٍ شاسعة من الأراضي، وبقائها دون زراعة، لتجمع مياه الأمطار فيها والسيول التي أحالتها إلى سبخات وبحيرات حالت دون زراعتها في عدد كبير من المناطق لا سيما الأراضي المنخفضة نسبياً. وقال المهندس الزراعي (مفيد العمر) في تصريح خاص لصحيفة حبر: ” إن القول بأن كثرة الأمطار هي التي تسبب الأمراض فهذا غير دقيق، الأصح هو أن الرطوبة المرتفعة جداً هذا العام هي التي ساعدت على ظهور هذه الأمراض”
في حين يعتقد المزارعون أن الأمطار الغزيرة بهذا الكم الكبير الذي زاد عن المعدل السنوي بكثير في معظم المناطق في البلاد أصبح له دور سلبي لا سيما على مواسم معينة كالحمص الذي أُصيب بمرض فطري أدى إلى يباس النبتة بشكل تدريجي، ويصيب هذا المرض الحمص بسبب الرطوبة العالية للجو في فصل الربيع خاصةً شهري” آذار ونيسان “إذ تُصبح المزروعات بحاجة إلى الدفء والشمس أكثر، بحسب العمر الذي أفاد: “أن الأمراض المنشرة في الحقول هي الأمراض الفطرية كالذي يُصيب الحمص، واسمه العلمي (أسكوكايتابلايت) وصدأ القمح”
ويشكو معظم الفلاحين من الأدوية والمبيدات التي يشترونها بمبالغ كبيرة، ثم لا تأتي بنتيجة مُرضية، فكثيراً من الحقول لا تستفيد كما أخبرنا (باسل جمعة) أحد المزارعين النشطين، يقول:” إن الحقل لم يتعافَ من المرض كما كنت أتوقع وأرجو، وقد كلفني ذلك نحو 20 ألف سوري للهكتار الواحد ما بين ثمن المُبيد وآجار الرش، لكن دون جدوى” وبالفعل فإن الأوراق الصفراء اليابسة أصبحت أكثر من الخضراء في هذا الوقت الذي أقبل فيه الحُمص على الإزهار في معظم الحقول كما عايَنّا بأعيننا عند ذهابنا للحقول، ولكن السيد العمر أجابنا على هذا التساؤل: “بأن هذه الأدوية والمبيدات دورها وقائي أكثر من كونه علاجي، فهي تمنع انتشار المرض أو ظهوره إذا لم يكن قد استفحل بعد”
ليس الحمص فحسب، بل القمح أيضاً يتأذى بما يسمى (مرض الصدأ) الذي يُصيب المواسم، وذلك للسبب نفسه وهو الرطوبة المرتفعة، كما أفاد العمر أن “العامل المسبب للمرض أو الجرثومة موجودة على النبات مثلما توجد الأمراض لدى الإنسان، ولكن الرطوبة الزائدة تساعد على ظهورها وتزيد انتشارها”
هذه الأمراض أصبحت تشكل هاجسًا لدى الفلاحين وخوفاً من الأمطار المتأخرة التي تتسبب بها، حتى بات البعض منهم يعتقد أن هذه الأمراض تحملها الغيوم والرياح التي تحمل المطر وتأتي بها من بلدان أخرى، كما أفاد المزارع: (محمد أحمد) بأن هناك منخفض قادم من مصر يحمل مرض الصدأ للقمح؛ لأن الحقول المصرية مصابة بهذا المرض على حد قوله، وأنها ستنتقل إلى حقولنا عبر الرياح، لكن العمر نفى ذلك قائلاً: “الحقول المصرية لو كانت مصابة لا يمكن أن ينتقل المرض، فالجرثومة المُسببة سوف تموت على الطريق، ولا يمكنها أن تقطع آلاف الكيلو مترات وهي حية، ومن غير المعقول ذلك، واستدل بأنه لو صح القول لانتقلت كل أمراض أوروبا إلينا مع المنخفضات القادمة من هناك.”
وبشر العمر: “بأن درجات الحرارة ما إن ترتفع قليلاً فإن هذه الأمراض ستذهب” وهو ما يُعطي أملاً لدى المزارعين بأن تتعافى هذه الحقول المصابة، فاليأس دفع الكثيرين منهم، لحراثتها وقَلبِها كما يقولون وزراعتها نوعاً آخر غير الحمص أو الكمون الذَين لم تنجح زراعتهما بالمستوى المطلوب هذا العام.