ترجمة | ضرار الخضر
الجماعات الحقوقية تقول: “إن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة قتل من المدنيين أكثر بكثير ممَّا أعلنه سابقاً في معركته ضد الدولة الإسلامية.
الولايات المتحدة قللت من عدد المدنيين القتلى في الهجوم الذي شنه التحالف بقيادتها على عاصمة الدولة الإسلامية (المُعلنة من جانب واحد) قبل عامين، وفقاً لبحث أجرته مجموعتان رائدتان في حقوق الإنسان.
فخلال الحملة التي استمرّت أربعة شهور لطرد تنظيم الدولة الإسلامية من مدينة الرقة السورية سنة 2017، قُتِل نحو 1600 مدني بسبب غارات التحالف والقصف، حسبما نشرت منظمة العفو الدولية ومنظمة آيروارز في تقرير جديد.
وكانت الولايات المتحدة أعلنت أن عدد المدنيين القتلى في الرقة لا يتجاوز 318 بحسب الناطق باسم الحملة التي تقودها الولايات المتحدة لهزيمة الدولة الإسلامية.
ويخْلُصُ التقرير الذي استند إلى دراسة استمرّت عامين أن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، كان مسؤولاً عن الارتفاع الملحوظ بالخسائر في صفوف المدنيين خلال حملته التي استمرت أربعة أشهر، لتدمير دولة الخلافة في العراق وسورية، التي كانت أكثر بكثير ممَّا ذُكِر.
وفي شهر شباط قدّر الجيش الأمريكي عدد المدنيين الذين قُتِلوا دون قصد بـ1257، قُتِلوا في القتال الذي بدأ 2014، لكن (دونالتيلا روفيرا) الباحثة التي قادت الاستقصاء قدّرت أن العدد الحقيقي يفوق العدد المعلن بعشرة أضعاف، ووصفت مستوى الدمار الذي لحِق بالرقة بأنه “لا مثيل له في العصر الحديث”.
واستخدمت منظمة العفو الدولية ومنظمة آيروارز مصادر مفتوحة للبيانات وشهادات من أرض الواقع وصوراً للأقمار الصناعية، للتحري عن أعداد القتلى المدنيين.
وأكّد التقرير التحديات التي واجهها التحالف بقيادة الولايات المتحدة في محاولته طرد المقاتلين المتحصّنين، الذين استخدموا المدنيين دروعاً بشرية، لكنه تساءل أيضاً فيما إن كان من الضروري أن تكون الحملة بهذه الضراوة، وأن ترفع احتمالية إحباط هذه الغارات أهداف التحالف في سورية والعراق.
وقال المتحدّث باسم التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لهزيمة تنظيم الدولة الإسلامية في ردّه على التقرير: “يتّبع التحالف كل التدابير الممكنة للتقليل من الخسائر في صفوف المدنيين، ويجري تقييمات لكافة الادعاءات بوقوع خسائر في صفوفهم”.
كما سلّط التقرير الضوء على سياسة إدارة ترامب للتساهل في قواعد الاشتباك للجيش الأمريكي لرفع بعض القيود الموضوعة للتقليل من الخسائر في صفوف المدنيين.
وقال الباحث في معهد كارنجي للسلام الدولي (فرانسيس براون) الذي خدم مساعدًا في مجلس الأمن القومي الأمريكي في عهد كل من الرئيسين أوباما وخليفته ترامب: “بما أنني عملت في فريق مجلس الأمن القومي في عهد أوباما وترامب، فمن الواضح لي أنه عندما جاء الفريق الجديد تراجعت مباعث القلق حول حقوق الإنسان إلى الخلف بينما تقدّمت الرؤية المعلنة للقائد (اقصفوا نفايات) داعش”.
بداية آذار ألغى ترامب جزءاً من أمر تنفيذي وقّعه أوباما سنة 2016 يُوصي بالكشف عن أعداد المدنيين القتلى في الغارات الأمريكية، وقال البيت الأبيض وقتها “إنه يتخلّص من المتطلبات غير الضرورية للتقارير، تلك المتطلبات التي لا تفيد بتحسين شفافية الحكومة، بل إنها تؤدي إلى تشتيت انتباه الاستخبارات عن مهمتهم الأساسية.”
وقال المسؤولون في الجيش الأمريكي: إن حربهم الجوية ضد الدولة الإسلامية التي وفّرت غطاءً جوياً لقوات محلية تُقاتل التنظيم على الأرض، اعتمدت بشكل كبير على الأسلحة الدقيقة، ممَّا يعني تقليل الخسائر بصفوف المدنيين.
وكتب الجنرال (ستيفن تاون سنت) الذي أصبح لاحقاً قائداً للعمليات ضد الدولة الإسلامية لصحيفة فورين بوليسي: “أتحدى أي شخص أن يجد في التاريخ حملة جوية أكثر دقة من هذه”.
لكن التقرير الذي أعدته منظمة العفو ومنظمة آيروارز يرسم صورة عن دمار واسع، فقد سوُّي ما لا يقل عن 11000 منزل بالأرض في الحملة، حسب المنظمتين اللتين استخدمتا صور الأقمار الصناعية لوضع جدول زمني للتدمير.
وزار باحثو منظمة العفو الدولية الرقة أربع مرات في خِضَم العملية، ووثّقوا أسماء أكثر من ألف مدني قُتِلوا في الحملة.
وحثّ كريس وود مدير آيروارز قادة التحالف على: “التوقف عن إنكار أعداد القتلى الصادمة من المدنيين والدمار الواسع الذي تسبب به الهجوم على الرقة”.
وأضاف: “يجب على التحالف إجراء تحقيق كامل عن الأخطاء التي جرت في الرقة، والتعلم من هذه الدروس لمنع تكرار هذه المعاناة الواسعة للمدنيين الذين قد يعلقوا في عمليات عسكرية لاحقاً”.
واستهدفت الغارات الأمريكية المقاتلين من الدولة الإسلامية حيثما تحركوا من مبنى لآخر في المناطق المدنية المزدحمة، وكثيراً ما استخدموا المدنيين دروعًا بشرية، ممَّا أدى إلى دمار واسع لحق بالمدن التي كانت تسيطر عليها الدولة الإسلامية رغم استخدام أسلحة دقيقة.
وقال اللواء في الجيش الأمريكي (ماج آموس) في مقال كتبه السنة الماضية: ” كانت النتيجة في إغفال الهجوم للضربات الجوية الدقيقة دمارًا مماثلاً كما لو استُخدمت قاذفات القنابل أو المدفعية العشوائية”.
ويعتقد بعض الخبراء أن مثل هذا الهجوم قد يُؤلّب السكان المدنيين ضد التحالف بقيادة الولايات المتحدة، ويقول (شانا كريسنر) الخبير في سورية والبروفيسور المرافق في كلية اليغاني: “إن هذا يدمّر علاقاتنا في الشرق الأوسط، ونحن نعلم أنه هذا يشكّل أداة مثالية لتجنيد الجماعات الارهابية”.
صحيفة: فورين بوليسي
الكاتب: إلياس جرول وروبي جرامر.
رابط المقال الأصلي: https://foreignpolicy.com/2019/04/25/how-the-u-s-miscounted-the-dead-in-syria-raqqa-civilian-casualties-middle-east-isis-fight-islamic-state/