بقلم غسان جمعة إنَّ غاية خلق ابن آدم هي عبادة الله عزَّ وجلَّ بمختلف أوجه الحياة وبكل تفاصيلها، فالإسلام دين عمل ومعاملة، وقد جاء في كتابه العزيز” وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون ” ومن هنا نستطيع أن نقول: لا صلاح بالعبادة مع اللامبالاة في المسؤولية وضياع جوهر الخلق.فمنذ أن منَّ الله علينا بالنصر بتحرير مناطق من أيدي النظام المجرم، ظهرت الكثير من مظاهر العشوائية في حياتنا اليومية، وعززها فقدان الحس بالمسؤولية من البعض مع إمكانية القدرة على تجنبها بمراقبة ذاتنا المؤمنة وذلك في شتى القطاعات ومنها ما هو قيد هذا التقرير…وهي السلامة المروريةوللإيضاح فإنَّ المشكلة المرورية عملية مركبة من العنصر البشري (سائق-مشاة –ركاب) ومع تفاعل عناصر أخرى ذات تكوين فني (طرق-مركبات-إشارات) وأخرى طبيعية (نهار –ليل-حرارة-صقيع-غبار…)ولتشخيص هذه المشكلة في مناطقنا المحررة علينا تجريد عناصر هذه المشكلة والدور الذي قد يلعبه كل عنصر بشكل مباشر أو غير مباشر في استفحال هذا المرض في جسم النسيج السوري.فكانت العقدة الأهم في هذه المشكلة هي السائق، فهناك أشخاص يقودون سيارات مدنية وعسكرية وبعضهم لم يترك حائطا أو عمودا إلا وترك له فيه ذكرى على قدر خبرته.كما أنَّ هناك أطفالا أعمارهم بين 11-و17 سنة يقودون السيارات وآليات أخرى، وعلى معرفة من قبل أولياء أمورهم بطيش بعضهم وحماسة آخرين منهم، فهؤلاء لا يفقدون أرواحهم المؤتمنين عليها بعبثيتهم أو حداثة خبرتهم بالقيادة فقط، وإنَّما يتسببون لأبناء وطنهم ولأهالي الأحياء والقرى التي يقطنونها بالموت أو بالعاهة وما يترتب على ذلك من آثار اجتماعيه واقتصادية تمتد على كاهل المجتمع لسنوات.كما أنَّه يوجد أخطر من هؤلاء من هم لا يرتبطون بسن ولا بخبرة ولا صفة، لأنَّ أقل ما يوصفون به أنهم (شبيحة القيادة) فهؤلاء يحسبون أن لا سواهم على الطرقات وخصوصا على الاستردادات التي ما أن يصلو إليها حتى تتحول الطرق الرئيسية إلى “رالي” متجاهلين خطورة السرعة وإمكانيات الطرق الضعيفة، والمحظوظ من يخرج من حوادثهم بإعاقة، وكالعادة لا يوجد من يتبين من خبرة السائق أو رخصة قيادته، وهناك المعصومون عن السؤال لاعتبارات غير قابلة للبحث.نقول لهؤلاء: أين أنتم من قول سبحانه وتعالى؟! “وعباد الرحمن الذين يمشون في الأرض هونا” “وأمَّا العنصر الثاني في معاناة الصمت هي المركبات بمختلف أنواعها، حيث تميزنا عن جميع بلدان الثورات بصوملة السيارات من لوحة السيارة إلى مواصفاتها…فقد أاعتُمد اسم الشركة أو خط السرفيس أو اسم الفصيل أو المنظمة أو الهيئة أو…مكان لوحة السيارة وهذا واقع ملموس وقد يتصعب البعض مسألة تنظيمها؟مع أنَّ هناك مناطق محررة معروفة للجميع لا تسمح بدخول السيارات غير النظامية (لوحة-أوراق ملكية-رخصة قيادة) إلى أراضيها وتطالب باحترام قراراتها ولو شكليا بأوراق مزورة،وقد نظمت المرور لديها وكل ما يتعلق به لضمان سلامة سكان إدارتها الذاتية. السؤال: لماذا نحن لا نستطيع؟ ومن المستفيد من ضياع هوية سيارته ومواصفاتها غير المجرمين واللصوص؟!أمَّا الاستهتارات الأخرى فهي كثيرة تبدأ من دخول سيارات غير ملائمة للقيادة على طرقنا المتهالكة أصلا لضخامة حمولتها وحجمها، ولتنتهي بمواصفات بعض السيارات بمقود اليمين والذي يضرب به المستورد والمشتري عرض الحائط المروري المتبع والعائدة ملكيته ليس للنظام وإنَّما لسلامة أبنائنا.وللتنويه إنَّ غالبية من يجمعون هذه المخالفات هم سائقو المازوت الذين لو استطاعوا لتسابقوا بسحب الآبار بصهاريجهم التي يتباهون في بناء هياكلها وتشبيهها بالقطارات،التي لا نتوقع أضرار حوادثها وانزلاقاتها شتاء أو انفجارها صيفا لا سمح الله …لنستخلص أنَّ أغلب المخالفين فنيًّا انجروا وراء مطامع أنفسهم ومكاسبهم المادية من تجار وسائقين، وقد نسوا قول الله عز وجل “ولا تعثوا في الأرض مفسدين” وبعضنا يسابق البعض ليكون من أكبر المستفيدين.والجدير بالذكر أنَّ عناصر المرور عند النظام كانت تحاسب معظم السائقين على (الحقيبة الإسعافيه – الفيمه -عدم وضوح اللوحة-نوع ووزن الحمولة… وغيرها ولكم نترك تقيم مطالبنا لهؤلاء الآن…أمَّا العنصر الثالث وهو الطريق والذي جعل خدمته نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم شعبة من شعب الأيمانفبعيدا عن الحواجز وضرورة قليلها وعدم الحاجة لكثيرها نعاني في معظم المناطق المحررة من حفر الطريق أو رفع مستوى ارتفاعه في نقطة معينة والمعروف بالعامية (بالمطب) وتوضع هذه العوائق بدراسة وضرورات محددة، إمَّا تكون أمام مدارس أو على باب الأسواق، حيث الاكتظاظ البشري أو قبل الوصول إلى ممرات المواشي، ويحذر عن وجودها قبل مئات الأمتار، وتسميه معظم المجتمعات/ بالشرطي النائم/ وليس كما نفهمه نحن /بالقاطع القاصم/قال الله تعالى ” وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون”إنَّ الحرفية الكبيرة في صناعة هذه المطبات اللئيمة في المدن والأرياف نابعة من نظرة الفرد الذي يصنعها في ظل غياب دور المجالس في الأمور التنظيمية.فهذا الفرد يعتبر الطريق بعد (غياب البلديات) أنه امتداد طبيعي لملكيته العقارية المحاذية للطريق، ويستطيع خندقته أو تلتلته أو حتى قطمه وضمه لملكيته باعتباره أحد كعكات الثورة. وقد حصل واسُترجعت طرقًا تقاضى مُلاكها تعويضا عنها وحُرثت وغُرست وأُغلقت في وجه العامة على أساس أنه رجس من عمل النظام، بينما مبالغ التعويض منقاة من الدنس؟!والمصيبة الجلل هي أنَّ الفارق بين خندق فلان وتل جاره لا يتعدى عشرات الأمتار.وتعود إقامة هذه المطبات لأسباب نفسية بالغالب (مع تأكيدنا لحاجة بعضها في بعض الأماكن) لكيلا ينزعج المحترم من غبار سيارة فلان أو ليجبر الآخرين على الهدوء أمام مهابة فخامته عند الجلوس على مضافة الرصيف.وقد يحمل المطب في طياته شخصنة في صناعته، لمضايقة مرور سيارة معينة يقودها شخص غير مرغوب فيه وربما يكون المطب للتعبير عن البلطجة والسيطرة في زقاق أو حارة ما….قال العزيز” ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ” والبعض يتباهى ويتفانى بإفسادها ولو يعلم هؤلاء كم من أنين يئنه الجرحى عند كل مطب، وكم من أرواح تسابق الزمن، وكم من أطفال ونساء تعثرت لأزالوا ما صنعت أيديهم بظلمة ليل.ومن صور أذى الطريق تسليط أقنية الصرف الصحي أو إهمال إصلاح أنابيبها وما تسببه من تجمع للمياه الراكدة وأذيتها بالأوجه المعروفة للمارة وإيقاع السيارات بفخ عمق الحفر وغيرها.كما أذكر كلما رأيت مواد البناء (رمل –إسمنت –حديد) تفترش الطرق وتضيقها باسطة أذاها لأسابيع سرعة البناء أيام المخالفات والهدم …. أسأل نفسي زال الطغيان ورحل حيتان البلديات وانقرضت دوريات المخافر؟ أين هي سرعة إماطة الأذى عن الطريق؟ أين هي مراقبة الضمير؟كما أنَّ بعض المصالح التجارية تنافس بعضها البعض لتستغل اللافتات الطرقية المتبقية بوضع إعلاناتها عليها مستخفين بأهمية هذه اللوحات وما تقدمه من إرشاد للمدن والقرى والأماكن وتحديد المنعطفات والتنبيه للسرعات والتحويلات وغيرها….يكفينا أنَّ غيرنا من الأمم تُنظم الطرق الجوية وتُبلغ عن أحوالها، ونحن كنا ولا نزال نختلف على فتح شارع وإغلاق آخر لسبب ودون سبب…إلى متى سيبقى تفكير البعض رويبضي مشخصن قصير النظر.إنَّ من يؤذي الطريق ويضر بالناس ويخاطر بأرواحهم بشكل مباشر أو غير مباشر هو الوجه الآخر لأفعال النظام، يشرعن شريعة الغاب ويقنن ثقافة الأنا ويقتل ضمير الجماعة فينا، وهذا الذي يروج له المجرم منذ انطلاق ثورتنا …