إعداد: أ. محمد عدلبات أكبر همٍّ من هموم المعلمين هو بناء المتعلم بناءً على واقع التقويم، وهو التركيز على نسبة النجاح والحصول على الدرجات العليا. فالمرحلة الابتدائية تعدُّ الطالب للإعدادية، والإعدادية تعدُّه للثانوية، والثانوية تعدُّه لمرحلة الدراسة الجامعية، والتي هدفها إعداد الطالب للوظيفة التي سيتولاها.إّذاً فمتى سيتم إعداد المتعلم للحياة؟!يعزو الدكتور زغلول النجار “فشل النُظم التعليمية المعاصرة إلى انقطاعها عن الحياة وعن المجتمعات، وانشغالها بقضايا تجريدية ونظرية ونسيان وظيفتها الأساسية في إعداد الإنسان لينهض بمسؤولياته في الحياة.”أليس الأصل هو إعداد الطالب للحياة التي سيقابلها بكل ما فيها من علاقات وتعقيدات وتحديد مستقبله والتخطيط له؟! بالإضافة إلى ذلك لو أتينا إلى الدور الذي يقوم به معظم معلمينا لرأيناه يصبُّ في إعداد الطالب للامتحان الذي سيؤديه آخر العام الدراسي متناسياً دوره في إعداد الطالب للحياة العامة.ولكن أين ربط هذه الدروس والمفاهيم بواقع الطالب ومستقبله؟إنَّ من واجب المعلم أن يؤدي دروسه، وألا يحولها إلى أمور وأسئلة نظرية بحتة، بل يربطها بواقع الطالب ويبني من خلالها شخصية الطالب وسلوكه.فهذه ليست مهمة معلم الأخلاق أو التربية الإسلامية فحسب، بل وظيفة كل معلم يمكن أن يخدمها بشتى الطرق والوسائل، فالمسألة ليست أن نجيد تعليم القراءة والكتابة والحساب، بل يتطلب منَّا كذلك كيف نجعل هذا الطفل صالحاً لكي يعيش في هذا العالم الذي نعرفه، وكيف نستطيع أن نجعله مستعدًا يعمل لتحسين العالم الذي نحلم به.وهنا يكمن تقسيم أدوار المعلم في ذلك إلى قسمين:
- داخل المقرر بصفته مدرسًا
- خارج المقرر بصفته مربيًا
داخل المقرر:
- غرس قيم غير مباشرة مبثوثة في المقرر أياً كانت المادة، فواجب المعلم هنا إبراز هذه القيمة وبثها للطالب، فلا ينشغل في عرض الأهداف المعرفية والمهارية وينسى الأهداف الوجدانية المبثوثة في الدرس.
- قيم مباشرة كبرِّ الوالدين والصلاة: فدور المعلم هنا هو تأكيد القيم وغرسها في نفسية الطالب وتحويلها إلى قيم عملية تتم متابعتها، فلا يكفي أن يحدث المعلم تلاميذه عن أهمية الصلاة وبرِّ الوالدين، بل يحول ذلك إلى سلوك الطالب ويتابعه عليه كأن يطلب منه أن يقدم هدية لوالديه أو أن يحافظ على الصلوات الخمس في المسجد، فيتابعه في تحقيق ذلك من خلال جدول المتابعة أو التواصل مع البيت والاستفسار عن واقع الطالب السلوكي.
خارج نطاق المقرر:يتمثل دور المعلم التربوي بوظيفة الأب الحريص على أبنائه، وذلك بحسب العلاقة ومتابعة الحالة النفسية لهم والمشاركة في مشاكلهم وعلاج السلوكيات غير السوية وتنمية المهارات الشخصية والحياتية.وخير ما يعين المدرس في ذلك:
- برامج النشاط المدرسي التي يتم من خلالها غرس الكثير من القيم التي يحتاجها الطالب في حياته.
- الرحلات: وفيها يتم تعويد الطالب الاعتماد على النفس والثقة بالذات، كما أنَّها تقوي علاقة الأفراد ببعضهم البعض.
- اللقاءات الفردية مع الطلاب لمناقشة همومهم ومشاكلهم والتحاور معهم، فيخطئ من يظنُّ أنَّ ذلك من مسؤوليات الاختصاصي الاجتماعي وليس المعلم، فالاختصاصي يختص بالحالات السلبية ودراستها، أمَّا المعلم فكثرة احتكاكه بالطلاب وقوة العلاقة بهم واكتشاف التغيرات من خلال المتابعة يجعله المسؤول الأوَّل عن ذلك.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ