قبل فوزه مع فريقه بدوري أبطال أوروبا، استطاع صلاح بوقت قصير أن يكون ظاهرة عالمية وواحدة من أهم الشخصيات التي اعتبرتها مجلة التايم الأمريكية الأكثر تأثيراً في العالم.
لا يتوقف تأثير صلاح عند التخفيف من حدة (الإسلاموفوبيا) في بريطانيا على وجه الخصوص وفي أوروبا بشكل عام، إنما يمتد إلى أمور ربما تُعدّ أكثر أهمية، من وجهة نظري على الأقل، يقوم بها اللاعب المصري بتلقائية.
صلاح استطاع استدعاء شخصية النبيل عند متابعيه الأوروبيين، كما استطاع استدعاء البعد الأخلاقي المختزن عند الشعوب العربية والإسلامية عموماً، والذي أصبح غريباً بسبب ضغوطات الحياة وتسارعها.
فمن جهة هو ينتمي إلى النبلاء الفرسان في أوروبا الذين صنعوا طبقتهم الاجتماعية وجماهيريتهم بفروسيتهم وشجاعتهم وانتصاراتهم العديدة، ولم يُولد لأسرة من النبلاء، وهؤلاء دائماً كانوا الأكثر شعبية وتأثيراً في المجتمع الأوروبي، وعنهم نُسجت الحكايات والأساطير.
ومن جهة أخرى هو الخلوق المتواضع في المجتمع الشرقي الذي لم تغيره الشهرة كمحدثي النعمة، والذي حافظ على تربيته وبيئته رغم التحولات والانقلابات التي طرأت على حياته المادية، ومايزال يذهب ليساعد الناس ويُصلي في مسجد قريته ويقضي الوقت بين جيرانه، ويغضب عندما تتحول شهرته إلى حاجز بينه وبين الناس، وبينه وبين ما اعتاد عليه.
صلاح استطاع استثمار قدراته ليحقق نجاحاً مبهراً بصفته لاعب عربي ينتمي لمرجعية إسلامية قويمة، واستطاع أيضاً توظيف نجاحه في إيصال رسالته للناس، وفي التعبير الراقي عن شخصية الإنسان المصري المُسلم البسيط الذي يتشارك المحبة والخبز مع الجميع.
لقد اثبت صلاح أن البعد الأخلاقي هو الأكثر أهمية في مسيرته، ففي حين انخفض مستواه قليلاً في الموسم الثاني له مع ليفربول، لكنه لم يتغير بصفته إنسان خلوق يُجيد التحكم بشخصيته ليظهر الجميل منها للناس دائماً، ولم تحوله الأضواء إلى شخص مُتصنع، بل بقي عفوياً يمارس حياته بالشكل الذي يُحب بين زوجته وابنته وجمهوره وأهل قريته.
ابتعد صلاح عن السياسة، فهو ليس الشخص القادر على التأثير بها، وركز على الناس وحبهم وتقديم رسالة راقية عن المرجعية التي ينتمي إليها بعيداً عن التجاذبات التي ستجعله يخسر الكثير دون أن يخلق سوى ضوضاء لن ترضي أحداً في النهاية، وبدلاً من ذلك أرضى الجميع، وهو يقول لهم: “دعوني أركز على الثغر الذي وجدت نفسي فيه، ولا تشغلوني عنه بحرب لست أنا من يستطيع خوضها.”
المدير العام | أحمد وديع العبسي