بقلم مصطفى السيدليس بغريب أن نسمع بأي والدين يسعيان لتحقيق السعادة والرفاه ولتحقيق مستقبل مزدهر لأولادهم والعمل على بناء مستقبلهم الخاص على أسس موروثٍ عائلي صلبٍ غنيٍّ من النواحي الاقتصادية والاجتماعية والصحية ….ولكن تخفى على كثير من أرباب الأسر اللبنة الذهبية في بناء هذا المستقبل التي قد تسهم في تحقيق ما يتمناه كل والدين لأطفالهم من خلال عملية (المراقبة الخفية والتقويم المُحفز) لكل طفل خلال طفولته من السنة الأولى.فبعض الأمهات ترى في الطفولة لعبا ولهوا وتغذية ونوما ونظافة فقط، وهذه الرؤيا السطحية تضر في مستقبل أبنائنا، إنَّ الأمَّ تلعب دورا مؤثرا في تنمية وتكوين اتجاهات واهتمامات الطفل وخصوصا في السنوات الخمس الأولى، وقد أكَّدت عدة أبحاث العلاقة الوثيقة والارتباط اللاشعوري بين ذكاء الأم وطفلها وما تحمله هذه العلاقة من آثار إيجابية بعيدة المدى على تربية الطفل وتنمية مواهبه وبناء شخصيته وتحفيز ملكته الإبداعية.إنَّه الإبداع ببساطة الذي قد ندفنه بغفلتنا أو أخطائنا، فعدم المتابعة والتصحيح لسلوك الطفل أو تقييد حركته بزجر الطفلة عن اللعب بألعاب الذكور مثلا، أو تأنيب الطفل لتفكيكه ألعابه، أو نزع الأقلام وإخفائها من أيدي أطفالنا كلها خطوات وردَّات فعل سلبية قد نغلق بها أبواب التميز و الإبداع في وجوههم، وقد نحافظ على نظافة عقولهم كما حافظنا على نظافة الجدران من لمساتهم، وقد نخنق أفكارهم ونشل براعم الذكاء الوليدة بتجاهل أحاديثهم الطفولية وحواراتهم البريئة التي قد تَخرج من باطنها علامات الذكاء والتميز والإبداع.إنَّ أقل ما يمكن أن نسهم به هو تشجيعهم لممارسة فطرة الطفولة، وحثِّهم بشتى السبل ومختلف الأشكال على معرفة طبيعة الأشياء واستكشاف غموضها، ومتابعتهم لدرء الأذى، وتصحيح نظرتهم وطريقتهم السلبية لفهم الأشياء.نعم أيُّها السادة ليس تسجيل الأطفال في المدارس الخاصة، أو شراء الألعاب الفاخرة، أو معاقبتهم وتأنيبهم ومقارنتهم بأصدقائهم أو .. أو.. من يصنع شخصياتهم، بل دعمهم بالاتجاه الصحيح الذين يختارونه، ومتابعتهم بالتوجيه والتشجيع هو الذي يصقل مهاراتهم ويطوِّر ذواتهم ويرسم مستقبلهم الذي صنعوه.