غسان الجمعة |
تغييرات في القيادات العسكرية أجراها رأس النظام السوري في صفوف قيادات الحرس الجمهوري والقوات الخاصة بعد تذمر ضباط قاعدة حميميم من أداء ما بقي من جيش الأسد الذي ترفده ميليشيات متنوعة في معاركه بريف حماة وإدلب، وقد تلقت، رغم الدعم الروسي الجوي اللامحدود، خسائر فادحة بالأرواح والعتاد.
ورغم معرفة الروس أن فتح جبهات إدلب ليست نزهة، فقد أقدمت الأخيرة على ذلك معتمدة على تفوقها الجوي في المعركة وعلى الكثافة النيرانية التي لم تعطهم نفعاً مع تحصينات الفصائل وإعدادهم للمعركة الذي استند إلى دعم شعبي وتماسك للجبهة الداخلية وصمود في وجه المجازر اليومية التي عولت روسيا على نسفها بضربة الصدمة كما فعلت مع مناطق سابقة للمعارضة.
اليوم الخيارات المتاحة أمام الروس من الناحية العسكرية تكاد تكون محدودة و في أنفاسها الأخيرة ولم يبقَ لها إلا أن تطلب الإسناد بشكل مباشر وفعلي من مرتزقة إيران لحفظ ماء وجهها على الأقل أمام عدوها (المعارضة) في حين ستكون في وضع لا تحسد عليه أمام الموالين والمجتمع الدولي فيما لو فعلت ذلك؛ لأنها ستعترف ضمناً بعجزها عن ضبط الأمور في سورية، وبالتالي هي أضعف من أن تحقق رغبة المجتمع الدولي وإسرائيل في إخراج إيران من سورية.
غير أن إيران ليست بوارد تسخين جبهات جديدة مع ارتفاع احتمالية توجيه ضربة عسكرية أمريكية لها ولاسيما إن كانت هذه الجبهة ستغضب تركيا صاحبة النفوذ فيها، فإيران اليوم رغم وقوفها مع الجانب الروسي بسورية لمواجهة النفوذ التركي والأمريكي، إلا أنها تجد نفسها أقرب بخطوة إلى اللاعب التركي الذي يدعم اتفاقها النووي ويدور في فلك سياستها في مواجهة الولايات المتحدة وإن كان من باب الدبلوماسية الدولية وتحقيق المصالح لا أكثر.
لذلك لن يبقى أمام الروس سوى العودة إلى طاولة المفاوضات التي سيحظون بفرصتها الأولى مع تركيا في قمة العشرين في أوسكا اليابانية التي من المزمع عقدها في 28 – 29 من الشهر الجاري، حيث يلتقي على هامشها كل من الرئيسين أردوغان وبوتين، وهنا ستُعاد فتح أوراق كلا الطرفين لتصطدم من جديد في العقدة الأمريكية التي تبتز فيها تركيا من خلال دعمها للميليشيات الكردية شرق الفرات والتي لا يملك من أمرها بوتين عملياً سوى تل رفعت وعدة قرى من حولها.
والفرصة الأخرى هي في اجتماعات آستانة المقبلة في العاصمة نور سلطان أواخر يوليو المقبل، حيث ستناقش قضايا اللجنة الدستورية والحل السياسي وتحديد المزيد من تفاصيل مناطق خفض التصعيد (إدلب – تل رفعت).
فهل تنجح موسكو في تحقيق غايتها عبر وعودها ومقايضاتها مع تركيا أو الساسة السوريين، أم أنها ستجد موقفًا سياسيًّا صلبًا سيما وأن الموقف العسكري للمعارضة على الأرض يدعم أي موقف سياسي تطالب به المعارضة أو تركيا.