عبد الملك قرة محمد |
أيام قليلة تفصلنا عن انطلاق امتحانات الدورة الثانية في كليات ومعاهد جامعة حلب الموجودة حاليًّا في ريف حلب الشمالي (أعزاز، ومارع) بعد اضطرارها إلى مغادرة باقي المناطق نتيجة لخلافات مع حكومة الإنقاذ التي تُشرف على التعليم العالي في إدلب.
وعانى طلاب جامعة حلب من صعوبة المواصلات، ممَّا دفع الكثير منهم للبقاء في الكليات الأساسية التي أُلحقت بجامعة حلب الشهباء التابعة لمجلس التعليم العالي في حكومة الإنقاذ.
وللتعرف أكثر على آخر التطورات بما يخص التعليم العالي في المناطق المحررة لا سيما جامعة حلب، نرحب بالدكتور (عبد العزيز الدغيم) وزير التعليم العالي في الحكومة السورية المؤقتة.
بدايةً دكتور عبد العزيز لو تُحدِثنا عن الوضع العام للتعليم العالي في المناطق المحررة، ما هي جهودكم لتوفير راحة للطلاب أثناء الامتحانات في جامعة حلب لا سيما مع بُعد المكان عن عدد كبير من الطلاب؟
“تحية طيبة لكم، الوضع العام للتعليم في المناطق المحررة يمكننا النظر إليه من جانبين، الأول: وهو الأهم من حيث الالتزام والمواظبة والمعلومات والخطط الدرسية والمناهج والقائمين على التعليم، فهو جيد ويرقى لأن يكون جيدًا جدًا لِما فيه من إصرار على المتابعة رغم قساوة الظروف. وأما الجانب الآخر: فغير مُرضٍ؛ لأنه يعاني من شح الموارد المادية والبشرية، فعلى سبيل المثال تُعاني الجامعات في المناطق المحررة من نقص التمويل والكوادر العلمية والإدارية، لكننا نقول: إننا استطعنا أن نكون بديلاً لتعليم أبنائنا في مناطقهم وتجنيبهم الهجرة والضياع.
بالنسبة إلى موضوع الامتحانات، نعمل على تأمين ظروف ملائمة لطلاب جامعة حلب من خلال تنظيم الامتحانات بشكل متكامل علمياً، أما بالنسبة إلى السكن الطلابي، فقد تم تأمين أماكن نوم للطلاب أثناء الامتحانات تكفي 200 طالب عدا الشقق السكنية التي تم تأمنيها سابقاً لطلاب الكليات العلمية أثناء فترة الدوام.
ونبشر طلابنا بأننا تمكنا من فتح مركز ثالث في الغزاوية بالتنسيق مع مجلس عفرين، والطلاب أحرار في اختيار المكان الأقرب لهم.
ملف الاعتراف بالتعليم العالي ما يزال غامضاً، ماهي آخر التطورات فيه؟ وهل هناك اتفاقيات أو تفاهمات جديدة مع جامعات تركية أو عالمية لتحصيل اعتراف بالشهادة أو حتى تعاون علمي مشترك؟
“الاعتراف واعتمادية الشهادة الجامعية أيضاً لها بعدان،
الأول: الاعتمادية الإدارية أو الداخلية وهذه موجودة؛ لأن جامعة حلب في المناطق المحررة جامعة تتبع للحكومة المؤقتة، والحكومة ملزمة باعتماد الشهادات عند التقدم لأي وظيفة في إدارات الحكومة المؤقتة أو متابعة الدراسات العليا في المحرر.
أما البُعد الآخر: فهو الاعتماد الخارجي، وهذا مانعاني من عدمه، ونسعى إلى كسبه من خلال الاتصالات مع جهات علمية، والمشكلة التي تمنع حصولنا على الاعتراف هو أن باب الاعتراف باب قانوني وسياسي وليس أكاديمياً فقط.
قمنا بالكثير من المحاولات للتنسيق مع جامعة غازي عينتاب حول المعاهد المفتتحة في الريف الشمالي، وإمكانية اعتماد جامعة حلب في المناطق المحررة أو التوءمة معها، لكن للأسف تعتمد جامعة غازي عينتاب في عملها بالتنسيق مع المجالس المحلية وليس مع الحكومة السورية المؤقتة التي تعمل بصعوبة كبيرة نتيجة عدم الاعتراف بها من الناحية القانونية.”
برأيكم ما هي المشكلات التي يواجهها التعليم العالي في مناطقنا؟ وهل يمكننا القول: إننا نملك تعليماً قوياً ومتكاملاً قادراً على صناعة الكوادر المستقبلية؟
“التعليم العالي في الشمال المحرر لا يُلبي الطموح الذي نريده، فهناك الكثير من التخصصات غير موجودة، والبعض منها يفتقر الى أعضاء هيئة تدريسية،
مثل كليات الطب البشري والأسنان والهندسة بجميع فروعها وقسم اللغة الإنكليزية، كما يُعاني قطاع التعليم في المحرر، إضافة إلى شح التمويل والكوادر، من نقص البنى التحتية من مخابر ومكتبات ومراجع علمية وتجهيزات مكتبية ضرورية للعملية التعليمية.”
انطلاقة جامعة حلب بقوة في مناطق الشمال تعود إلى عدة عوامل داخلية بالإضافة إلى منظمات شاركت في هذه الانطلاقة، ماهي هذه العوامل والمنظمات التي ساعدت الجامعة؟
“هناك مجموعة من المنظمات ساهمت وبشكل فعال في دعم جامعة حلب ومنها: تعليم بلا حدود مداد مع شركائها، وتُعد الشريك الرئيس للجامعات. وهناك عدد من المنظمات التي أسهمت في الدعم: (سامز، سبارك، ihh ، وقف الديانة التركي، فريق ملهم التطوعي ، الرواد للتنمية، التنمية المحلية، لجنة إعادة الاستقرار، سوريون للتنمية، وغيرها من المنظمات).”
ما هو موقفكم من المطالب والاقتراحات التي رفعها مدرسون في الجامعة؟ هل سنشهد تلبية لهذه المطالب؟ ولماذا تم إعفاء نائب رئيس الجامعة د. عماد خطاب؟
“قامت رئاسة الجامعة بالاجتماع مع أعضاء الهيئة التعليمية الذين قدموا الطلب وسلمتهم الرد على مطالبهم، ولهذه الغاية تشكلت لجنة خماسية لمتابعة التنفيذ.
أما قرار إقالة النائب العلمي فهو شأن يخص رئاسة الجامعة، ورئيس الحكومة المؤقتة هو صاحب الصلاحية في ذلك بناء على اقتراح رئاسة الجامعة والوزارة.”
صرحتم أكثر من مرة أن جامعة إدلب تتبع للحكومة المؤقتة، هلَّا شرحتم هذه الإشكالية وما هو مسمى جامعة إدلب في الحكومة المؤقتة؟
“جامعة إدلب هي جامعة حكومية بقرار صادر عن الحكومة السورية المؤقتة في نيسان ٢٠١٧ وتم اعتماد القرار بموجب مذكرة تفاهم موقعة من قبل رئاسة الجامعة آنذاك وإدارة إدلب ومعاون رئيس الحكومة السورية المؤقتة في ٢٥ نيسان ٢٠١٧ لكن الزملاء في جامعة إدلب لم يتابعوا الموضوع ولم يضعوه حيز التنفيذ، وأسسوا مجلس تعليم خاص بهم بعد ثلاثة أشهر من توقيع الاتفاق مع الحكومة السورية المؤقتة.”
خسرت جامعة حلب جزءًا من طلابها نتيجة التنقل المستمر من مكان لآخر، هل هناك محاولات واتصالات مع حكومة الإنقاذ لمحاولة العودة إلى مناطق إدلب؟ وما هي العقبات التي توضع أمامكم؟
“لم تفلح كل الجهود المبذولة من أجل الحوار والتنسيق مع مجلس تعليم إدلب؛ لأنهم أرادوا إخضاع جامعة حلب لإدارتهم قسراً وليس التنسيق بين المختصين من خلال لجان مشتركة، بمعنى آخر عملوا على السيطرة على مقرات الجامعة في المعرة وريف حلب الغربي وكفر تخاريم على أنها في مناطق نفوذ حكومة الإنقاذ.
تضم الجامعة الآن ١٢ كلية وأربعة معاهد وأكثر من ٥٠٠٠ طالب مسجلين في الكليات المختلفة، في حين بقي أكثر من ٢٠٠٠طالب في المعرة والأتارب وكفر تخاريم نتيجة صعوبة الانتقال وحجم النفقات التي يصعب على الطالب دفعها.”
يعاني معظم الطلاب من الأقساط التي لا تتناسب مع دخلهم، هل هناك أي جهود للتخفيف منها في السنوات القادمة؟
“جامعة حلب تعتمد على أقساط طلابها للاستمرار وعلى الدعم المحدود من بعض المنظمات، ولو توفر الدعم بشكل كافٍ لما احتجنا إلى رسوم الطلاب أصلاً، أما الرسوم فهي متواضعة قياساً لحجم الانفاق لكنها تبدو مرتفعة من وجهة نظر الطالب وشعبنا الذي يعيش التشرد وقلة العمل، لكن ليس باليد حيلة ولا يوجد بديل آخر للأسف.”
كليات الجامعة موجودة في مكان واحد ولا يوجد شعب للكليات مما يعني قلة في عدد المقاعد المخصصة لكل كلية، هل يمكن أن يؤدي ذلك إلى رفع علامات المفاضلة القادمة؟
“الأصل في الجامعة أن تكون في مكان واحد بإدارة مركزية، وسبب انتشار جامعة حلب سابقاً في كل المناطق المحررة كان لضرورة التعليم في المكان بسبب عدم قدرة الطالب على الانتقال والسفر من درعا والغوطة وحمص إلى مقر الجامعة في الشمال، لكن بعد إجرام النظام وتهجيره للأهالي تموضعت الجامعة بالريف الشمالي مع الأمل الكبير في زيادة حجم الاستيعاب مستقبلاً نتيجة تأهيل مبنى يضم أكثر من ٢٠ قاعة درسية والكثير من المكاتب الإدارية.”
بالنسبة إلى الدراسات العليا (ماجستير ودكتوراه) هل تقدمون شهادات لكل الأقسام؟ وما سر ارتفاع الأقساط ألا ترون ضرورة توفير شروط ملائمة لزيادة الكوادر لا سيما مع وجود نقص في عدد الدكاترة في المناطق المحررة؟
“ستقوم الجامعة بافتتاح دراسات عليا في كل الكليات التي يمكنها ذلك من خلال عدد أعضاء الهيئة التدريسية في القسم، كما أن افتتاح دراسات عليا في كلية الحقوق قادم إن شاء الله، أما الأقساط فهي عادية وليست مرتفعة وذلك لتغطية نفقات التدريس وليس للتوفير ودعم الجامعة.”
شكراً لكم دكتور عبد العزيز الدغيم وزير التعليم العالي هل من كلمة أخيرة تريدون توجيهها للطلاب والمدرسين؟
“أشكركم وأتوجه بالتحية إلى طلابنا وأعضاء الهيئة التعليمية في المناطق المحررة وإلى كل الإداريين الذين اختاروا هذا الطريق من أجل تعليم أبنائهم وإعادة بناء ما دمره النظام المجرم بخبرات شبابنا الخريجين، كما أتوجه بالتحية إلى جميع المنظمات الداعمة للتعليم بشكل عام والتعليم العالي على وجه الخصوص لا سيما مؤسسة تعليم بلا حدود والقائمين عليها.”