بقلم: عبد الكافي قصاب
كان انتصار الثورة المصرية وإسقاط نظام مبارك له أثر كبير على صعيد زخم الثورة السورية، وأعطاها دفعاً جديداً لتحقيق أهدافها، وبعد وصول الإخوان المسلمين إلى سدة الحكم، دعم الرئيس الشرعي محمد مرسي الثورة السورية سياسياً، ولكن سرعان ما أُصيب النبض الثوري بانتكاسة أعتبرها محللون بمثابة الشعرة التي قصمت ظهر البعير، حيث استولى العسكر على سلطة الحكم عبر انقلاب مسلح، وكُفنَ متظاهرو الساحات بخيمهم عبر جرافات الجيش، وتوج السيسي فرعون العصر بعد تمثيلية انتخابية رئيساً لمصر العربية.وبدأ من كان في أمسه من النخبة الأمنية التي شددت الإجراءات على اللاجئين السوريين و وضعت العقبات وتسببت في ترحيل الآلاف، شرع بعد استلامه الرئاسة المصرية بالسعي إلى إرساء دعائم الديكتاتورية في دول المنطقة، ويعد نظام الأسد أقرب هذه الأنظمة القمعية الموازية له، وغدت تصريحات الخارجية السورية تروق لسياسة الخارجية السيسية وخصوصاً التوجه العدائي لقطر وتركيا، وغدا محور الإرهاب والتطرف العملة الذهبية لكلا النظامين لتداولها في أسواق السياسة الدولية، ويطمح السيسي بإعادة العلاقات الدبلوماسية مع الأسد ليكون له نظير في موازين الساحة الدولية وبالأخص الغربية، ولتحقيق صورته الملائكية في الداخل والخارج باعتبار أنَّ الأسد جزار يومي، في حين أنَّ حملات القتل السيسية موسمية، كما أنَّ الأخير يرغب في كبح جماح الحركات الإسلامية في المنطقة وعلى رأسها الإخوان عبر إبقاء ودعم النظام الحالي في دمشق موجهاً رسالة أنَّه لا مكان للتيارات الإسلامية في الحياة السياسية في المنطقة ومصر خاصة، وتعتبر العلاقة التي يسعى السيسي لبنائها مع طاغية الشام ولو ببطء مسمار الأمان لقنبلة العلاقات مع إيران التي سوف يفجرها بوجه السياسة الخليجية فيما لو فكرت بتغير سياسي في مصر باعتبار الأسد باب الولوج الخلفي لدبر العلاقة مع إيران.وأمَّا النظام السوري فهو أكثر تشوقاً لمعانقة السيسي ليس من أجل تحقيق أهداف “بعصه” أو بعثه مثل الوحدة العربية مثلاً أو مساندة القضية الفلسطينية لا سمح الله، وإنَّما الحصول على دعم سياسي عربي، ومصر رغم هشاشة الوضع السياسي فيها إلا أنَّ لها ثقل إقليمي ودولي مؤثر، ويريد النظام السوري من فتح هذه القناة الدبلوماسية إعطاء إشارة للدول العربية الأخرى لإمكانية إعادة العلاقات الدبلوماسية للدول الراغبة بذلك، ويريد الأسد الاستفادة من مصر مستقبلاً بوضعها في مواجهة أمام النفوذ التركي في المنطقة، وذلك عبر استثمار عدائها لحزب العدالة والتنمية والإخوان بشكل عام.لقد وضع الطغيان المجرمين في خندق واحد، ولكن في المقابل توحَّدت آلام الشعبين وتطلعاتهما ولن ينعكس تدبير الخونة وحقدهم إلا خيراً على شعبينا، ونحن أمة لها مستقبل يقتدي بتاريخها ولا مكان للطغاة في صناعته.