عبد الملك قرة محمد |
تُعدُّ منظمة الدفاع المدني السوري أو ما يعرف بالخوذ البيضاء أهم جهة مدنية تعمل على إنقاذ الجرحى ومساعدة المدنيين إثر المجازر التي يرتكبها نظام الأسد، لا سيما في الفترة الأخيرة بعد أن استهدف معرة النعمان وعددًا من البلدات مُخلفاً مجازر مُروعة بحق المدنيين العزل.
صحيفة حبر التقت (رائد الصالح) مدير منظمة الدفاع المدني السوري وأجرت معه الحوار الآتي:
نرحب بكم سيد رائد، بداية لو تحدثنا عن الإستراتيجيات التي تتبعها فِرقكم في الوصول المبكر إلى مكان القصف
“فرق الدفاع المدني السوري منتشرة بشكل إستراتيجي في مناطق مختلفة من الشمال السوري، بحيث تتمركز في أماكن سهلة الوصول للقرى والمدن المترامية. بالإضافة إلى اعتمادنا على مرصد سورية المُدار من الدفاع المدني السوري الذي يعمل على تتبع حركة الطيران وتوقع أماكن القصف المحتملة، ويُطلق إنذارات عبر عدة منصات رقمية للمدنيين لاتخاذ إجراءات السلامة التي يُقدمها الدفاع المدني السوري للمجتمع من خلال حملات التوعية.
إذاً باختصار، هي سلسلة من الإجراءات التي تترابط فيها مهمات فرق الدفاع المدني ذوي الاختصاصات المختلفة لإنجاز الخدمات بشكل فعال.”
ما هي المشكلات التي تواجهونها سواء على مستوى الدعم أم على المستوى اللوجستي؟
“الدعم بمختلف أشكاله للدفاع المدني السوري غير مستقر، ولا يوجد التزامات طويلة الأمد من قبل المانحين، لذلك نعمل دائماً على ملء الفراغات من خلال جمع التبرعات من الأشخاص المؤمنين بدور الدفاع المدني السوري حول العالم.
لوجستيا، نتلقى الدعم والتسهيلات اللوجستية دائماً، لكن بعض الظروف والاعتبارات الدولية تقف عائقاً أمام تطوير آلياتنا وأدواتنا التي من الممكن أن ترفع من سوية الخدمات وتنقل عملنا إلى مراحل متقدمة، وخصوصاً تلك الأدوات التي يجب نقلها عبر الحدود.”
اتهامكم من قِبل روسيا أكثر من مرة بارتكاب مجازر هي من قام بها دليل أنكم تشكلون عقبة كبيرة في وجهها.. كيف ترون هذه المحاولات الروسية وما سببها؟
“شاهد العيان هو الضحية التالية لأي مجرم.. وروسيا تقتل الشعب السوري بمختلف الأسلحة وتدعم النظام السوري لمشاركتها بالقتل.
يُمثِّل الدفاع المدني السوري عائقًا لروسيا؛ لأنه يمثل ذلك الشاهد. لذلك تعمد روسيا لقتل متطلعينا واستهداف قدراتنا على الاستجابة من خلال قصف مراكزنا وآلياتنا.”
تجاوز عدد الشهداء في معرة النعمان الـ 40 شهيداً وهناك تفاوت بالأرقام لكن ماذا عن عدد الأرواح التي استطاع الدفاع المدني إنقاذها في المجزرة؟
“تم إسعاف ٦٠ مصاباً من مكان المجزرة وانتشال ٦ عالقين تحت الأنقاض ٣ نساء و٣ أطفال منهم من استمرت عمليات انتشالهم أكثر من ٧ ساعات.”
هل لديكم أي معلومات عن نوع القنبلة التي استخدمها النظام السوري؟
“نحن على علم بالإشاعات حول طبيعة السلاح المستخدم بتنفيذ المجزرة، لكن لا نملك الخبرة العسكرية لتأكيد أو نفي هذه الإشاعات، لكن بغض النظر عن نوعها كانت كافية لخطف حياة المدنيين الأبرياء.”
-كيف تعملون على رفع قدرات العناصر لديكم لمواجهة كل التحديات؟ وهل هناك دورات حالية أو قادمة لتطويع عناصر جدد؟
“يمكنني القول: إن الدفاع المدني السوري فريد من نوعه حتى حول العالم. لذلك، نعمل دائمًا على تطوير كوادرنا الحالية بتدريبات عملية ونظرية من خلال مدربينا المختصين وأصحاب خبرات عملية غير مسبوقة.
مسألة تطويع عناصر جُدد بالمستقبل مرهونة بالحاجة لاختصاصات معينة، أو ما نطمح إليه في زمن السلم: أن نكون رائدين بإعادة الحياة وإزالة غبار الحرب عن حياة أهلنا في سورية.”
ما هي المشاريع الخدمية والإنسانية التي تعملون عليها في الوقت الحالي؟
“النظر إلى الدفاع المدني السوري على أنه مؤسسة بحث وإنقاذ فقط هو الدارج حاليًا، لكن أعتقد أن الناس تشعر بوجودنا بأشكال مختلفة خلال العديد من الخدمات التي نقدمها ضمن طاقتنا، أذكر منها: (إزالة الأنقاض، والإنقاذ المائي، والإطفاء، ومكافحة الحرائق، والتخلص من بقايا الحرب غير المنفجرة وتحديدها، وحملات التنظيف والصحة، والخدمات الصحية من خلال المراكز النسائية المنتشرة في الشمال، وحملات التوعية عن مواضيع مختلفة التي ينفذها متطوِّعونا بشكل دوري.) معظم هذه الخدمات ذو طبيعة دائمة أو فصلية بحسب الحاجة.”
ما هو دوركم في إطفاء الحرائق الزراعية وهل يمكن تزويدنا بإحصائيات لها؟
“بالعادة نتحضر لموسم الحصاد الذي تكون فيه الحرائق الناتجة عن الأخطاء البشرية ضمن معدل المعقول، لكن هذه السنة كانت الأراضي الزراعية والحصادات لروسيا والنظام الهدف الأبرز ضمن حملة تجويع السكان وضرب الخزان الغذائي للمدنيين. لذلك كنا دائمًا هناك لمساعدة الفلاحيين والمزارعين أثناء الطوارئ، علمًا أن المساحات المحروقة كانت شاسعة ومثلت تحديًا كبيرًا لمتطوعينا، لكن كنا على الموعد ولله الحمد وأنقذنا ما يمكن إنقاذه. الحرائق مستمرة ولا يمكن إحصائها بعد، لكن نقدر المساحات بآلاف الدونمات.
دولياً هل لديكم أي جهود أو مناشدات لتوثيق جرائم الأسد أو المطالبة بإيقافها لا سيما بعد مجزرة معرة النعمان؟
“بالإضافة إلى البحث والإنقاذ، فإن متطوعينا مدربون أن يكونوا موثقين وشهود عيان وعلى معرفة كاملة بالخلفيات القانونية اللازمة للتوثيق والشهادات.
نحن على اتصال دائم بمؤسسات العدالة والمساءلة القانونية الدولية، ونعمل دائماً على حشد الجهود للوقوف على جرائم الحرب التي تحصل في سورية ومساءلة مرتكبيها. مجزرة معرة النعمان هي إحدى مئات أو آلاف المجازر التي عملنا على توثيقها والمطالبة بمحاسبة مرتكبيها، لكن دورنا سيكون دائما ذاته أننا نحن شهود العيان المستعدون دائمًا لتقديم العون والدلائل لأي جهود تسعى لمحاسبة مرتكبي جرائم الحرب.”
في نهاية الحوار معكم سيد رائد مدير الدفاع المدني السوري نشكركم على جهودكم الكبيرة في إنقاذ الأرواح ومساعدة المدنيين للوقوف بوجه المخططات الروسية الأسدية.
ومن الجدير ذكره أن الدفاع المدني أنقذ ما يقارب 118 ألف و558 شخصًا على الأقل في حين استشهد 267 متطوعاً في الدفاع.