عبير حسن |
يتباهى الرجال دوماً بنصيبهم فيما خُلِقُوا عليه بصفتهم ذكور، وبكراماتهم في الدنيا والآخرة التي أكرمهم الله بها، من قوامة وتولية ووصاية وغيرها من الفضائل، إذ قال تعالى: “وللرجال عليهنَّ درجة”.
لينطلق الرجل في مهامه التي مذ نشأ يعرفها ويراها تتمثل في تصرفات آبائه وأجداده وذويه، وتتماشى هذه المهام مع أدوار تمثيلية لا بدّ منها.. هي لم تُذكر لا في القرآن ولا السنة، لكنَّ الأعراف وضعتها وألزمت كلّ من خط شاربه ونبتت لحيته اتِّباعها.
الرجل عندما يكون الأب فكلمته أوجبت وأوجزت وأجيبت وحُقّ سماعها ولزِمَ اتباعها، من غير تعطيل ولا تبطيل، والرجل عندما يكون الأخ فاحترامه مدعاة، وعيناه مشكاة وضعت فيها مصلحة الأخت، فيرى فيهما ما هو خيرٌ لها وما هو شرٌ عليها، وسماعها مستحب وإهمالها مكروه، أمّا إذا كان الرجل ابناً فدلالهُ راية، وإكرامه غاية، وسعادته مرجوة، ووسادته بريش النعام محشوة. أما الرجل الزوج فحضوره مُهاب، وطلبه مجاب، وعصيانه مُعاب، ولو كُتبَ على مخلوق سجود لغير خالقه لكان على المرأة أن تسجد لزوجها، إكباراً وتعظيماً وإجلالاً.
هذا في الحياة الدنيا، أما في الآخرة فإذا دخل الرجل الجنة أُعطيَ تفاحاً وتيناً، وحوراً عِيناً بدلَ الواحدة سبعينً، يأكل ويتلذذ وأزواجه فاكهين. وعلماً منّا بما لهم وجهلاً بما لنا عليهم، قُدِّسوا وبقينا خلفهم سائرين.
لا جرمَ أنّنا نكمل بعضنا بعضاً، نحتاجهم ويحتاجوننا، نحبهم ويحبوننا، لكن كفانا وهماً أنّ للرجال أفضلية علينا في كل شيء لكونهم رجالاً فقط. وأننا تابِعات لا سابقاتٍ.
أتظنُّ أنّ جليسةً في البيت قد أوصيَ بها خيراً ألا تُضرَب ولا تهان ولا تُذَل، بل يُكرَمُ مثواها ويوقرُ ممشاها فلا تخرج في حاجة إلا مضطرةً أتظنها مرهونةً لك ولرغباتك؟! ألا تعاملُ الأميرات كذلك؟! تفكَّر إذاً في قوامتك عليها أليست لخدمتها؟ بلى، ولرعايتها وتسيير أمورها، والدرجة التي رفعك الله بها عنها، إنما هي لتبيان محلك في العطاء، أنت من عليه أن يبذل الوسع والجهد لإحيائها حياة جيدة، أن تخرج لتعمل وتكابد التعب والجوع وعناء مجابهة الناس وملاقاتهم لتحصل على مالٍ أو منفعة تعود بها عليها. وقد ورد ما يفيد في شرح الدرجة تلك، حديثٌ في صحيح الأثر عن النبي أنه قال:(اليد العليا خير من اليد السفلى) ومعناه: أن اليد التي تعطي خير من اليد التي تأخذ وخصها بوصف العلو والدنو لتظهر الدرجية في الخيرية، فليس للرجال على النساء درجة لأنهم أفضل، بل لكثرة ماعليهم من واجبات يمليها الدين الحنيف، وليست هذه الأفضلية تخص جميع الرجال إنما القوامون منهم، الذين أحسنوا سُكناها وعشرتها وقاموا بها واستوصوا خيراً بمشاعرها وقاموا بحمايتها والأخذ بيدها ونصحها وتقويمها وتوجيهها لئلا تسير على درب في غير رضى الله، فكتب تعالى لها أن تكون أميرة في دُنياها قبل آخرتها، فعندما تكون الأم فهي دواة الحب والرحمة، والأخت لتضفي الفرح والبهجة، والزوجة لتشد بها أزرك ولتشاركك حلو الحياة ومرِّها، والابنة لتؤنسك وتسعدك ولتُضحِكك وتُسليك، .. وليس واجباً من واجباتها أن تخدمك وتقوم على رعايتك إنما هو إحسانٌ وتفضُّل.
والمرأة التي تقوم مقام الرجل في بيتها فتتكفل العمل والجهد هي صاحبة الفضل والدرجة وهي القوّامة لا هو، لأن القوامة كانت لخصوص العمل لا لعموم الجنس، فمن قعد به عمله لم ينفعه جنسه، ذكراً كان أم أنثى، فالخلق متساوون أمام الله، وإنما فضّل بينهم على قدر تكليفهم، وكان فضل الرجال لأنهم الأكثر تكليفاً في مشاق العيش، وذلك لما خلقهم الله عليه من القدرة الجسدية الفيزيولوجية التي تختلف عن صفات خلق المرأة المتناسبة مع مهامها أيضاً، وهذا يجعل للمرأة فضلين إن قامت بجهود العمل خارج المنزل، ولقد أثبتت المرأة قدرتها على القيام بمختلف أعباء الحياة فكانت الأم والأب لأطفالها في تجارب وحالات عديدة، بينما يبقى الرجل عاجزاً على أن يكون “أمّاً” ولو لمرة واحدة😊.