عبدالعزيز عباسي |
يقولون: إن الحب أعمى، وهو يقول: أصابني الحب فعميت. هذه هي الكلمات التي افتتح بها الكاتب (عمرو عبد الحميد) روايته (أرض زيكولا) التي احتلت المركز الثاني في قائمة أكثر الكتب مبيعاً في سنة 2016 لمكتبة كتابيكو وعصر الكتب بعد رواية أرض الإله للكاتب أحمد مراد ذائع الصيت صاحب روايات موسم صيد الغزلان وفيرتيجو.
قصةُ حبٍ بين الشاب خالد حسني خريج كلية التجارة وزميلته منى في الدراسة وبنت بلدته، سرعان ما تحولت هذه القصة إِلى مشروع زواج يجهضه والد منى بطريقة غريبة للمرة الثامنة على التوالي، فوالد منى يريد لابنته شخصاً غير تقليدي، وهذا هو سبب رفضه لخالد الذي يحاول بشتّى الطرق لكنّه يفشل، وبعدها يُقرر أن يسأل جده عن الحل فيمازحه الجد قائلاً: لمَ لا تنزل إِلى السرداب؟ وهنا لمعت الفكرة في رأس خالدٍ يُدرك على إثر هذه الحادثة أنّ أمه وأباه لم يموتا، بل دخلا هذا السرداب المسمى بسرداب (فوريك) الموجود في بلدة البوهو فريك التابعة لمحافظة الدقهلية في مصر.
يُسرع خالد إِلى السرداب المجهول في ليلةٍ مقمرةٍ؛ لأن القمر في هذه الليلة ينير الطريق في السرداب، وهنا تحصل مفاجأةٌ، فقد خرج خالد إِلى عالمٍ صحراوي رأي فيه أشياء عجيبةً، فالناس هناك يتعاملون بوحدات الذكاء، فإذا أردت أن تأكل أو أن تشرب عليك أن تدفع ثمن ذلك من ذكائك، وفي كل عام ٍ تجري مسابقةٌ تعرف بيوم زيكولا، حيث ُيقتل أفقر ُ شخصٍ في أرض زيكولا، لذلك فالناس هناك حريصون على عدم استعمال ذكائهم كي يبقوا على قيد الحياة.
وفي أرض زيكولا، يلتقي خالد بالطيبة أسيل التي أسرت في إحدى المعارك بين زيكولا وموطن أسيل الأصلي و بيامن الذي يعمل معه في تكسير الحجارة، يحاول خالد الهروب من زيكولا لكنّ الحراس يمنعوه، فيعمل مع الطبيبة كمساعدٍ ويحاول شراءَ كتابٍ يسمع من صاحب المكتبة أنّ الشخص الذي اشترى الكتاب كان غريباً وقد اشتراه منذ عشرين سنة، يحاول أن يعثر على هذا الكتاب لكن دون جدوى، حتى سمع أنّ شخصاً لديه هذا الكتاب وهو يسكن في المنطقة الغربية في زيكولا، يذهب خالدُ مسرعاً لشراء الكتاب فيتفاجأ أنّ صاحب الكتاب قُتل على يد ابنه الذي يطلب من خالد 500 وحدة ذكاء، يذهب تعبُ خالد حسني أدراج الرياح لسببين: الأول لأنّ هذا الشاب هو أخوه الأصغر وقد قتل والده، والآخر لأنّ الكتاب لم يذكر طريقة َ الهروب من زيكولا.
يُساق خالد إِلى السجن لأنّ زوجة الحاكم تضع مولودها بعد 7 أشهرٍ من الحمل وتفشل خطة خالد في الهروب بحفر نفقٍ يؤدي إلى خارج زيكولا، وتضيع وحدات ذكاء خالد هباءً منثوراً لكنه ينجو بعد أن يخضع لمسابقة الزيكولا.
لم تساعد الطبيبة أسيل خالد لأنّ هدف الرواية توعية خالد بأنّ استخدام الذكاء في غير محله مضر، أمَّا كيف نجا خالد فقد عفا عنه الحاكم لأنّه ساعد طفل امرأة كاد أن يغرق دون أن يأخذ أيَّ مقابلٍ، وكذلك فعل مع طفل آخر مريض، فالخير لا يذهبُ كما قال الشاعر:
منْ يفعلِ الخير لا يعدم جوازيهَ .… لا يذهبُ العرفُ بين الله والناسِ
يستطيع خالد الرجوع إلى البوهو فريك ويتزوج منى بعد أنْ عثر على عملٍ جديد، أمّا الطبيبة أسيل فقد رجعت إلى موطنها الأصلي لأنّها أحسّت بالذنب حين حكمت على خالد بأنّه من بين أفقر 3 أشخاص، وقد اضطر لخوض مسابقة الزيكولا التي تعتمد على الحظ لكنّ عدل الحاكم أنصف خالداً في النهاية.
لجأ الكاتب إِلى اختيار الزمن الموازي للأحداث ليقول: إنّ قيمة استخدام العقل غالية وثمينة، وتغيير الظروف مرهون بتغيير الأفكار، وهذا ما ينطبق على الكثير من تجاربنا الحياتية، والرواية تدعو إلى قراءة الواقع بطريقة تفاؤلية معقولة بعض الشيء.