عبدالملك قرة محمد |
تقدم سريع للنظام السوري في مناطق سيطرة المعارضة انتهى بسيطرته الكاملة على ريف حماة الشمالي حتى الآن رغم وجود النقطة التركية الأمر الذي يثير جدلاً واسعاً عمَّا حدث ويحدث في إدلب، هل هو اتفاق دولي سياسي أم نتيجة لسوء العلاقات الروسية التركية؟ ولماذا بدا الموقف التركي ضعيفاً تجاه إدلب؟
سيناريوهات كثيرة طرحها محللون سادت في معظمها سمة التشاؤم، فالبعض رجَّح أن يكون تقدم النظام بهدف السيطرة على طريق M5 وآخرون ذهبوا إلى أن النظام سيسيطر على جميع مناطق المعارضة نتيجة لتفاهمات روسية تركية، في حين رجحت مجموعة أخرى نظرية الاتفاقات السرية القائمة على المقايضة ببعض مناطق المعارضة والأكراد (منطقة لتركيا، مقابل منطقة لروسيا) فما هو مستقبل إدلب؟ وما تفسير ما يحدث؟ وهل سنشاهد تحركاً للضامن التركي تجاه المجازر في إدلب؟
أسباب عدم ثبات الفصائل
مدنيون على مواقع التواصل الاجتماعي استغربوا من عدم ثبات الفصائل العسكرية وضعفها عمَّا كانت عليه في بداية الحملة مكتفين بإلقاء التهم والخوض في سياسة البيع والصفقات.
النقيب (ناجي مصطفى) المتحدث الرسمي باسم الجبهة الوطنية للتحرير قال لحبر: “الفصائل الثورية ما زالت تقدم الكثير، وما حصل في ريف حماة الشمالي بسبب استخدام روسيا ونظام الأسد للترسانة العسكرية بشكل كامل، بالإضافة إلى قوات مشاة روسية وميليشيات إيرانية، وتغيير القوات المهاجمة مع اتباع سياسة الأرض المحروقة، وعلى الجميع أن يلاحظ كيف أن روسيا غيرت خطتها وقواتها المهزومة أكثر من مرة، حيث استمرت المعارك لفترة طويلة بعكس التمنيات الروسية بإنهاء المعركة خلال أيام فقط.”
مناشدات للجيش الوطني: #أثبتوا_وطنيتكم
آخرون ذهبوا إلى إطلاق الاتهامات للجيش الوطني بأنه لم يشارك في معركة إدلب بالشكل الأمثل، في إشارة منهم إلى أن دخوله إلى إدلب ما هو إلا لتنفيذ اتفاق روسي تركي بشأن الطريق الدولي دون أي أهداف تتمحور حول مقاومة النظام السوري أو صد الهجوم على إدلب.
الشيخ (عمر حذيفة) الشرعي في الجبهة الوطنية للتحرير صرح لحبر: “لا معلومات مؤكدة حول ما يحصل الآن في الساحة، وما هي السيناريوهات التي ستكون من خلال التسابق الروسي والتركي والسيطرة على بعض الأماكن المتحكمة بالطريق الدولي.”
وعن الجيش الوطني ومشاركته في صدِّ الهجوم على مناطق المعارضة، يضيف الشيخ عمر: “أما الجيش الوطني فقد شارك بعضهم مع إخوانهم في المعاركة، وما زالوا موجودين علماً أن المعركة لم تنتهِ بعد كما يُرَوَّج لها بسقوط قرية أو قريتين يتباهى بها الروسي المجرم بعد عشرات آلاف الغارات ومثلها من الصواريخ والبراميل المتفجرة ليحيل المنطقة ركاماً متفحمة، لذلك أعتقد أنه الانتصار المزيف لكسب ماء ووجهه أمام عالمٍ فاجر متخاذل”.
ضعف الثقة بالضامن التركي
بالمقابل أدت المجريات الأخيرة في الساحة السورية إلى ضعف ثقة بين الحاضنة الشعبية في المناطق المحررة وتركيا التي تملك نقاط مراقبة في إدلب، فهل ما يجري في إدلب نتيجة لتفاهمات أم خلافات روسية تركية؟
النقيب ناجي أشار إلى أن (الأخوة الأتراك) لا يزالون موجودين في النقاط التركية، وهي نقاط مهمة لتوثيق خروقات النظام الفاضحة لاتفاق وقف إطلاق النار، وكل المعلومات عن وقف الدعم التركي للفصائل هي معلومات عارية عن الصحة، فالدعم التركي مستمر للفصائل في معاركها ضد النظام والاحتلال الروسي.”
أما الشيخ عمر فقد كان له وجهة نظر خاصة، حيث عبر أن تركيا دولة مستقلة بقراراتها ولها خصوصيتها وسيادتها التي تعمل ضمن ذلك والتي تنظر إلى العالم كله على الخريطة الدولية، فتقدر المصالح والمفاسد وتتصرف بما يناسب مصلحتها وأمنها القومي بالدرجة الاولى، والمناطق المحررة جزء من تلك القضايا التي تهمها والتي تحتاج إلى مزيد من النظر والبحث والدراسة والاهتمام، وأعتقد أن قوة تركيا تأتي من قوة الفصائل فيها وضعف موقفها من ضعفهم.”
خان شيخون.. الضربة القاسية وما بعدها
وإلى خان شيخون التي كان سقوطها مؤثراً أكثر من أي منطقة أخرى نظراً لأهميتها الإستراتيجية بالنسبة إلى المناطق المحررة في ريف إدلب الجنوبي، وممَّا زاد الأمر جدلاً تمركز النقاط التركي بالقرب من خان شيخون على الطريق الدولي، وهو الأمر الذي أوحى بوجود اتفاق غير واضح وغير معلن لا يتعدى كونه مجموعة تحليلات دون دلائل وجدت على صفحة هذا المحلل أو ذاك.
وبخصوص خان شيخون ومكانها من المفاوضات الروسية التركية، يقول الشيخ عمر حذيفة الشرعي في الجبهة الوطنية: “لا أحد يعلم طبيعة المفاوضات التي تدور بين الروسي والتركي على سبيل التأكيد إلا ما يشاع من تسريبات قد لا تكون صحيحة وغالباً ما تكون هذه الإشاعات صادرة عن أبواق النظام والجيش الإلكتروني الذي يعمل لصالحه مرتدياً لباس الثورة أحياناً.”
من جهة أخرى فقد أكد النقيب ناجي المصطفى أن “الفصائل ستستمر بالتصدي لمحاولات التقدم التي تقوم بها قوات الأسد والاحتلال الروسي مع محاولة تحرير كل المناطق التي احتلتها الميليشيات مؤخراً في ريف حماة الشمالي”.
جهود تركية واتفاقيات قديمة متجددة
من جهته قال القيادي ورئيس المكتب السياسي في لواء المعتصم أحد أبرز تشكيلات الجيش الوطني عبر صفحته في تويتر: “حالياً تجري مفاوضات تركية روسية لعقد اتفاق جديد بواقع جديد. ملاحظة 1: مالم يتم إنهاء تنظيم جبهة النصرة، فلا يوجد ضمانة لأي اتفاق، وما هو إلا ترحيل جديد للخلافات. ملاحظة 2: لا أثق بالعدو الروسي، إلا أنني أثق بأن إنهاء النصرة وتنظيف البيت الداخلي وترتيبه، سيكون سببًا في قلب الموازين”
أما بالنسبة إلى تركيا فيبدو أن الاتصال الذي أجراه أردوغان مع نظيره الروسي لم يحل الخلاف الحاصل بين الرئيسين، لذلك فالأنظار ستتجه إلى زيارة أردوغان لموسكو يوم الثلاثاء القادم قبيل القمة الثلاثية المزمع عقدها يوم 16 أيلول، فهل ستنجح المفاوضات في إيقاف نزيف الدم السوري في إدلب؟