تحقيق: محمد ضياء أرمنازي(التقدم الكبير) هو العنوان الأبرز للعمل الذي أحرزته معظم الفصائل الثورية المقاتلة على جميع جبهات النظام، ابتداءً من انتصارات جيش الفتح في الشمال في مدينة إدلب إلى انتصارات الثوار في جنوب سورية، في الجولان والقنيطرة على الحدود الفلسطينية، والحدود الأردنية، والسيطرة على جميع المعابر مع الأردن، ولا ننسى أيضاً التقدم الكبير الملفت للنظر الذي أحرزه جيش الإسلام مؤخراً في مدينة دمشق.ولكنَّ كلَّ هذه الانتصارات العظيمة رافقها جمود واضح على جميع جبهات مدينة حلب، واقتصرت الأعمال العسكرية فيها على استرجاع منطقة أو مبنى من يد النظام كان أساسًا في يد الثوار، وقد أصبحت معارك حلب عبارة عن رمي عن بُعْد بـ(الهاون) و(الجرر المتفجرة) وتدمير دشمة وانشقاق عنصر بصورة بطولية.يرى كثير من المواطنين الذين استطلعنا آراءهم أنَّ الحاضنة الشعبية للجيش الحر في مدينة حلب تتراجع شيئاً فشيئاً، بسبب ذلك البرود وعدم المحافظة على مناطق مهمة للمدينة.وقد غاب الأمل بتحرير مناطق النظام التي لم تنقص شبراً واحداً خلال ثلاث سنوات تقريباً، في الوقت الذي حافظ فيه النظام على جميع مواقعه فحصَّنها جيداً، وأضاف إليها مناطق جديدة مهمة عند مداخل المدينة ليكمل الطوق حولها.ولا أبالغ عندما أنقل عن أشخاص قالوا لي: إنْ لم يُحاسَب المفسدون والسُّراق العسكريون قبلَ المدنيين فلن ننتصر.يقول أبو نجيب: “إنَّ بعض الفصائل يشتغل أفرادها بفك الخلاطات دون كسرها، من البيوت القريبة من الجبهات، فكيف لا تبرد الجبهة؟!”قامت (صحيفة حبر) بالاستماع إلى المواطنين ووضع عدة أسئلة تتعلق ببرود جبهات مدينة حلب، وطرحتها على أهم الفصائل العاملة، فلم تتلق جوابًا.وقد اتصلنا بقائد غرفة عمليات فتح حلب (ياسر عبد الرحيم)، فاعتذر عن اللقاء حتى على (الواتس). وحاولنا التواصل مع القادة في حركة نور الدين الزنكي، ولكن قائد الحركة لم يكن موجودا في حلب وكذلك القائد العسكري في الحركة.وحاولنا أيضًا التواصل عدة مرات خلال ثلاثة أيام مع الناطق الرسمي باسم حركة أحرار الشام الإسلامية، لكن بلا جدوى، فلم يجب على أي سؤال من الأسئلة التي وصلته عبر (الواتس).وذهبنا أيضاً إلى المؤسسة الأمنية لمقابلة القائد العسكري (أبو عبد الرزاق) وبعد أخذ موعد في اليوم التالي قيل لنا: “إنه غير موجود”وقد ذهبنا أيضاً إلى تجمع (فاستقم كما أُمرت) فلم نجد قائد التجمع (أبو قتيبة)، فأراد (علاء برو) القيادي في التجمع أن يجيب عن بعض الأسئلة المطروحة، فكان هذا الحوار:كلنا يرى الانتصارات التي تحققها معظم الفصائل المقاتلة في جميع مناطق الاشتباك مع النظام، لماذا يبقى الجمود فقط في مدينة حلب؟!هناك عدة أسباب، أولاً: عدم توحد الفصائل المقاتلة. ثانياً: مقاتلة أقوى رتل للنظام على الإطلاق الذي جاء لمحاصرة مدينة حلب وهو “دبيب النمل”.لماذا لا تعمل الفصائل العسكرية في حلب بالضغط على جبهة نبل والزهراء لإيقاف القصف على مدينة حلب كما فعل جيش الفتح وأوقف جبهة تبعد عنه مئات الكيلو مترات؟منذ فترة كان هناك قصف على مدينتي نبل والزهراء الشيعيتين، لكن وضعهما يختلف كثيراً عن وضع كفريا والفوعة المحاصرتين تماماً من جميع الجهات، فالنظام يرمي لهم الطعام من الطائرات بالمظلات، أمَّا نبل والزهراء فغير محاصرتين، ويأتيهم كل شيء عن طريق الأكراد في عفرين، والنظام يرمي لهم أموالًا فقط لشراء الأغراض من عفرين.يقول مواطن حلبي: هل أصبح قتال (الدولة الإسلامية) شماعة تعلق عليها جميع مشاكل الفصائل العسكرية؟لا، ليست شماعة، هي حقيقة، فقتالنا مع (داعش) كلفنا الكثير من الشهداء والسلاح، وقد أثر على جبهات النظام بشكل كبير، وهذا أمر لا يخفى على أحد.وبعد هذا اللقاء تبقى هناك أسئلة برسم الإجابة:لماذا أصبحت غرف العمليات في حلب كغرف الإنعاش، تختلف فيها اسم الغرفة ولا يكون لها أي تأثير على الأرض؟!كيف تسمح الفصائل العسكرية لبضعة مئات من الأكراد الانفصاليين بالتمترس في حي الشيخ مقصود وتهديد مدخل مدينة حلب الوحيد؟!ما هو الحل لتذويب جبهات حلب المجمدة قبل أن تتحول إلى جدار “برلين حلبي”؟متى سيتخذ قادة الفصائل قرارات حاسمة تكسر هذا الجليد وتعيد الثورة إلى طريقها الصحيح، وتأخذ المبادرة بالهجوم على مناطق النظام بدل الدفاع والرمي من بعيد؟ألم يحن الوقت لمحاسبة الفاسدين الذين شوّهوا صورة الجيش الحر في أعين المدنيين، وإخراج أذناب النظام والعملاء من المناطق المحررة؟!كلنا يخطئ، ومَنْ منَّا لا يُخطئ، لكن إن لم نعترف بأخطائنا فلن نتجاوز هذه المرحلة الحساسة من الثورة التي تكالب عليها جميع “أصدقاء الشعب السوري” قبل أعدائه، ولن ننتصر إلا بالإيمان والصدق ومن دونهما لن ننتصر أبداً.