بقلم نور العليمنذ فجر الدعوة الإسلامية، ومع بداية نزول الوحي على محمد صلى الله عليه وسلم كانت المرأة المسلمة شريكة الرجل المسلم وشقه الآخر في الإيمان بالرسالة والدعوة إليها وتحمل المشاق وتخوض الصعاب في سبيلها والجهاد لنصرتها والدفاع عنها.والمتتبع لسيرة الرسول العظيم وصحبه الكرام يجد ظهور أسماء مشرقة للكثير من النساء المؤمنات المجاهدات الصابرات اللاتي كان لهنّ أثر كبير في مسيرة الدعوة وجهادها، وخير مثال هو السيدة خديجة وفاطمة سيدتا نساء العالمين رضي الله عنهما، والأمثلة كثيرة على النساء الخالدات، ولا أبالغ إن قلت إن كل شيء عظيم كانت المرأة تتجسد فيه.ولكن ومع مرور الزمن بدأ ذلك الألق يخفت ويختفي، فتحول ضوء الشمس الساطع إلى شعاع شمعة لا يكاد يضيء إلا ما حوله.لقد مالت المرأة للراحة بعد أن كانت تعمل عملا شاقاً في كل مناحي الحياة، وابتعدت عن كل ما يرتقي بها ويطورها ويجعل منها منارة برّاقة يقصدها القاصي والداني كما كانت أمنا عائشة رضي الله عنها، يأتي إليها الرجال ليسألوا في الفقه والحديث.إن دور المرأة في نهضة المجتمع دور أساسي، فهي من تضع اللبنات الأساسية في تشييد الحضارة كونها المربي الأول والمنبع الأكمل في تربية الأجيال نظرا لامتلاكها سلاحا قويا ألا وهو غريزة الأمومة.جاء الإسلام وحرر المرأة من قيود فُرضت عليها وساوى بينها وبين الرجل فجعل من العمل الصالح والتقوى أساسا للتفاضل وساوى بينهما أيضا في الجزاء والعقاب. إلا أن المرأة ما لبثت أن عادت إلى جاهليتها الأولى وفرضت قيودا على نفسها تبتعد كل البعد عن الوأد والحرمان من الميراث، قيودا تسيطر على الروح وتمنعها من السمو.لعلّ أهم هذه القيود وأكثرها صعوبة هو الابتعاد عن الدين، وهو ما عمد إليه الغرب فتهافتوا إلى تعرية المرأة، والركون إلى هوى النفس والتلذذ بجلسات نسائية لا تعود عليها بفائدة مرجوة في دينها ودنياها، بل على العكس تزداد بها وزرا وإثما لانتشار الغيبة والنميمة والقيل والقال، ومن هذه القيود التغافل عن طلب العلم والسعي إليه وهو ما حث عليه الإسلام.لا شك أن المرأة تواجه في تحقيق استخلافها في الأرض تحديات كبيرة تتجلى بأمور عدة وتتلخص بعدم وعيها بالدور المطلوب منها والسقوط في النظرة الغربية للمرأة أي الانبهار بالنموذج الغربي، وأهم هذه القيود الخلط بين التقاليد المنافية للإسلام وبين الإسلام وتشريعه السمح.ولما كان الله عز وجل لا يكلف نفسا إلا وسعها وهو بنا وبقدراتنا عليم جعل في المرأة قوة خارقة وبداخلها مارد سحري يتفجر قوة وشجاعة تستطيع به النيل من المعوقات وتجاوز المستحيلات بعزم وإصرار وصبر لا ينفد، وبهذه النعم التي منحها الله إي تتمكن من الرقي بالمجتمع، والأسرة مجتمع صغير فإذا نجحت المرأة في أسرتها ووجهتها على نحو يرضي الله ستنجح حتما في المجتمع الأكبر.نحن بحاجة إلى وجود أمثال خديجة وفاطمة والخنساء والرزان الحصان وخولة ولا سيما في أوقاتنا هذه، لا سيما ونحن نمر بمثل هذه الأيام العصيبة القاسية، فالرجل وحده لم يعد قادرا على تحمل العبء بمفرده، ويحتاج إلى زوجة تهتم وتنصح وتمنح وتعطي حبا وأملا وتمسح ألما، نحتاج أمًّا تربي على منهج الدين الحنيف وتزرع خوف الله و خشيته في نفوس أطفالها، تعلمهم أنَّ الدين ليس فقط إطلاق اللحى و أن تسدل المرأة على وجهها. الدين هو أن تكون عبدًا لله بكلية، نحتاج في أيامنا هذه معلمة تعلم حب الله والإنسان، تكتب باليد اليمنى وباليد الأخرى تزرع قيما فاضلة وأخلاقا حميدة تسقيها من صفات أمهات المؤمنين، تلك الصفات المتأصلة بذاتها.نحتاجك أيتها المرأة، نحتاج فكرك وقيمك، نحتاج خلقك الكريم، نحتاج قواك لننهض من جديد ونعيد مجدنا التليد.