ناهد البكري |
مع ازدياد وتيرة القصف الأخيرة التي طالت الجهة الجنوبية من ريف إدلب الشرقي وحماة الغربي، ازدادت موجة النزوح التي لم يشهدها الشمال المحرر من قبل حتى وصل عدد النازحين بحسب إحصائيات إلى أكثر من مليون نازح، حيث هُجِّر المدنيون من مناطقهم إلى أماكن أقل خطورة على الحدود السورية التركية، مع أوضاعٍ إنسانية صعبة أهمها عدم وجود مأوى يلتجئون إليه، بالإضافة لافتقارهم إلى أقل مقومات الحياة.
الأرض أحن من البشر
“منى الحصرم” مُهجَّرة من قرية “معرشمارين” تروي معاناة نزوحها لصحيفة حبر بقولها: “عانينا من القصف العنيف، وأُخرجنا من بيوتنا ونحن لا نملك شيئاً يُعيننا على صعوبات النزوح، قصدنا مناطق الشمال البعيدة طلباً للأمن ونحن لا نستطيع سداد إيجار المنزل.”
وأضافت حصرم: “لقد طالبَنا مالكي البيوت بإيجارات مرتفعة، ونحن لا نملك شيئاً، ممَّا أجبرنا على العيش في منزل لا يوجد فيه إكساء ولا يحوي أي خدمات بل لا يوجد فيه سقف، افترشنا أرضه بما لدينا من متاع والتحفنا السماء، ولا ندري متى يُخرجوننا منه.”
حصرم ناشدت كغيرها من المهجرين منظمات المجتمع المدني للتدخل قائلة: “نتمنى من المنظمات المحلية واللجان القائمة على أوضاعنا أن تنظر إلى معاناتنا وتوفر لنا مأوى يكفينا حرارة الصيف وبرد الشتاء، فنحن لا نعلم متى نعود إلى أرضنا وما سمعنا حتى الآن أن النظام دخل قرية وخرج منها.”
غلاءٌ بالتدريج
وفي رأي “محمد الخلف” وهو مهجر من مدينة حلب، يقطن بلدة “كللي”، ويعمل معلمًا في مجال الدعم النفسي ، أن “الصعوبة تكمن في تحكم أبناء المنطقة بالأعمال والوظائف التي لا نستطيع الحصول عليها لتوفير الإيجارات.”
مُضيفًا: “لقد هُجِّرنا من حلب منذ ما يقارب الأربع سنوات، ولجأنا إلى الشمال المحرر لقربه، وباعتباره منطقة حيوية لتوفر مجالات الحياة، في بادئ الأمر طلب منا المالك إيجار المنزل الذي يحوي غرفة ومنافع بسيطة مبلغ (١٥) ألف ليرة، ومع ازدياد موجة النزوح ازداد الطمع لكثرة الطلب على البيوت، ممَّا زاد في ارتفاع الإيجار إلى الضعف حتى وصل (٣٠) ألف ليرة، ومازال الرقم مفتوحًا.”
وطالب “خلف” من الهيئات المهتمة والمنظمات القائمة تأمين فرص عمل تتناسب مع التحصيل الدراسي وحوافز تحفظ حياةً كريمة، وفتح مجالات العمل لأصحاب المهن، وتأمين مساكن للقاطنين في العراء.
الجمعيات المسؤولة.. وضعف الاستجابة
للوقوف عند دور منظمات المجتمع المدني والاستجابة، التقينا “أحمد الهاشم” منسق المشاريع الاجتماعية في جمعية “عطاء” للإغاثة الإنسانية في الداخل الذي حدثنا بقوله: “نحن في عطاء لم ننشئ أي مراكز إيواء مؤقتة؛ لأننا نبحث عن حلول أكثر ديمومة إما بتوزيع الخيام، أو بتلبية الاحتياجات الأساسية من ماء وغذاء، بالإضافة إلى وجود جهات لديها مراكز إيواء مؤقتة”.
وأضاف هاشم: “يعود ضعف استجابة المنظمات لسببين: الأول أن كثرة الاستجابة وتتاليها أرهقت الجمعيات واستنزفت ما عندها من متبرعين وجهات داعمة مما أدى إلى ضعف الاستجابة، والسبب الآخر والرئيس أن حجم النزوح كبيرٌ جداً ليس بالمقدور عليه وأن الجهات العاملة والجمعيات الموجودة على الأرض تؤدي أكثر من الدور المفروض، ولكي تستجيب تحتاج إلى فترة لتعويض ما استنزف منها من قدرات.”
وماتزال الأرقام في ازدياد مع صعوبة الحياة وعدمها في مناطق خفض التصعيد التي ازدادت وتيرة القصف فيها حتى بلغت ذروتها، فبحسب تقرير أصدره منسقو الاستجابة في الشمال السوري مؤخراً، بلغت أعداد النازحين من مناطق إدلب وحماة، منذ بداية شباط/فبراير، حتى 10 آب/ أغسطس، أكثر من (112123) عائلة، و (728799) نسمة، يضاف إليهم (200) نازح خلال الأيام الأخيرة.