بقلم ســــــــــها عاصيلا يخلو منزل في بلدي من شجرة الزيتون التي أقسم بها الله عز وجل في قوله ” والتين والزيتون ” وقد ذُكرت في ستة مواضع أخرى في القرآن الكريم.فعند دخول الشتاء يبدأ الرجال والنساء وحتى الأطفال موسم قطاف العقيق الأخضر، ليلتف الجميع حول هذه الشجرة، فتخالها عروسا قد زُفت وفرحت الأهالي بطلعتها الساحرة.الكل من حولها فرح وسعيد بعطائها لا يشعرون بالتعب معها، فهي الطعام والدفء والدواء والمال، هي قوت الفقراء ومصدر رزقهم، بزيتها يزول التعب وبحبها يسد الرمق.في بلدي تُشبَّه العيون الجميلة بلون الزيتون، وترمز خضرتها إلى العطاء والأمل، وبظلها استظل الآباء والأجداد، وعلى لحائها حُفرت قصص الهوى والحرب والأمل، وعلى أغصانها تأرجحت فلذات الأكباد، وتعلقت عليها قوارير الماء وصرر الزاد…إنَّها تاريخنا الماضي وشاهد حاضرنا وغد مستقبلنا.وما يميز هذا الموسم أنَّ زيتون إدلب الخضراء قد عانق أهله، وذرف على أكفهم زيته، يبارك لمن فك قيده.الآن يقطر زيتون بلادي زيتا جمعته جذور أشجار الزيتون من عرق المرابطين ودماء الشهداء والجرحى رغم ما أصابها من شظايا ورصاص الغدر ومحاولاتهم قطع شرايين حياتها وبتر ساقها إلا أنَّها أشجار لازالت تعانق عنان الحرية وسنام الخلاص تقول لكل من يحاول قتلنا واقتلاعنا من هذه الأرض: “إنَّنا باقون نشعل نار الثورة من زيت العطاء متجذرون بالأرض كما تشبثت هي بصخره” …