أحمد يغنانتهى اجتماع فيينا الذي عُقد لمناقشة تطورات الأزمة السورية، وحضره ممثلو الدول الكبرى، ونتج عنه الإعلان الذي يتألف من نقاط تسع يهدف إلى وقف إطلاق النار في سوريا، وتسعى هذه المحادثات وإعلانها الصادر إلى إكمال الطريق الذي بدأ في جينيف عام 2012م، للوصل إلى مذكرة تفاهم تجمع النظام والمعارضة.وتتلخص النقاط التسع بالحفاظ على وحدة سوريا وتأكيد علمانيتها، والحفاظ على مؤسسات الدولة وتأكيد حقوق الأقليات، وتسريع الجهود الدبلوماسية لإيقاف الحرب، وضمان وصول المنظمات الإنسانية لإدخال المساعدات، والاتفاق على هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية والمجموعات الإرهابية الأخرى، وتشكيل حكومة موثوقة غير طائفية على أن يعقب تشكيلها انتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة وبموافقة الحكومة.يبدو أنَّ إعلان فيينا شطب من بنود جينيف نقاطا مهمة تتعلق بإخراج المعتقلين السياسيين الذين يعانون الأمرين في سجون النظام، وتأكيد حرية الصحافة ونشاطها في سوريا، وكما تبدو بعض نقاط الإعلان غامضة بعض الشيء، فالبند الذي يتحدث عن عملية تشكيل حكومة لم يوضح عملية الانتقال وآلياتها بصورة واضحة، كما غاب عن هذه العملية الجدول الزمني الذي يعتبر مهما جدا في هذا البند والذي يجب أن يوضع في أولويات الجلسات المستأنفة.على أنَّ الأكثر غموضا والذي يدعو إلى التساؤل هو: هل ستبدأ هذه العملية عام 2022م عندما تنتهي ولاية المجرم على سوريا؟ وما هو دور الأمم المتحدة في الإشراف على الانتخابات؟ وهل سيكون دورها المراقب كمراقبة العميان التي لمسها السوريون عندما كان الأسد يستخدم الكيماوي ويقصف المدنيين بحضور الأمم المتحدة؟ فإن كان دورها لن يتغير فإننا على ثقة تامة أنَّ الأسد سيشارك في الانتخابات (استجابة للشعب) وسيفوز بها ربَّما بنسبة تتجاوز 88.7 تلك التي زورها في الانتخابات الهزلية الأخيرة، فللنظام السوري خبرة واسعة ومخضرمة في عمليات التزوير والغش والخداع منذ أيام الأسد الأب.إنَّ أي قرار يسمح للأسد بالبقاء حتى نهاية ولايته المزورة أو مشاركته في الانتخابات يعني بقاء الأسد في السلطة، وإعطاءه التفويض بقتل المزيد من الآمنين، وسينتج عنه انفجار كبير واقتتال يعم أرجاء الوطن.صعوبة الملف السوري وتعقيده إلى هذه الدرجة بسبب مكر النظام وحلفائه الروس والإيرانيين يفرض على المحادثات أن تطول وتأخذ حيزا كبيرا من الوقت والجهد، وهنا يتطلب من الأطراف المجتمعة اختبار جدية حلفاء الأسد في وقف القتال والنزول عند رغبة السوريين كما جاء في بنود فيينا، وإلا فإنَّ المحادثات لن تجدي نفعا وسيصبح مؤتمر فيينا كمؤتمر جينيف لا يكلف غير مزيد من الدماء.