بقلم عدي الحلبي
تطور علمي كبير استطاع أن يغزو العالم بأكمله وسيطر على مجمل نواحي الحياة، مضيفًا إلى حياة الإنسان رفاهية عليا وقدرة على التواصل مع أبناء جنسه في أقصى وشتى بقاع الأرض، مختصرًا بعد المسافات وجهود تخطيها، جامعًا بفوائده الجَمَّة ما أنجزه العلماء على مدى قرون.
ليصبح العالم الكبير قرية كونيَّة صغيرة لا تعترف بالحدود والمسافات والجنسيات، محققةً للإنسان معظم أعماله بأقل جهد مبذول، فهي تحمل حيزًا كبيرًا من الإيجابيات ستساهم بالتأكيد في تقدم الإنسان من خلال ما يسمى بالشبكة العنكبوتية (الإنترنت).
وعلى الرغم من كل هذه الإيجابيات فقد أحدثت هذه التقنية تأثيراتٍ كبيرةً في حياة الإنسان بشقيها الاجتماعي والنفسي، فهي على الرغم من أنها وسيلة تواصل اجتماعي إلا أنها قطعت صلة الرحم التي تعمها المصافحة والمحبة والتي تحمل طعم الإيمان الروحي بالإضافة إلى التأثيرات الأخرى، فهي تجعل الإنسان خاملا كسولا يقضي الساعات الطوال على الشاشات، وتكثر الأسئلة حول طبيعة هذا التطور وعن فوائده التي تعود على البشر، خاصة أن 3,2 مليار شخصًا يستخدمون الشابكة من أصل 7,2 مليار، وهو عدد سكان الأرض بعد أن كان في عام 2000 لم يكن هناك سوى 400 مليون مستخدمًا في العالم.
كل ذلك يثير تخوفات وتساؤلات عن طبيعة العالم مع ازدياد عدد مستخدمي الانترنت، وكل التوقعات تشير إلى أن العالم أصبح على مشارف ما يسمى بالعالم الرقمي أو عالم الآلة الالكترونية بحسب ما توقعه العلماء، ويشهد العالم العربي دخولا حديثًا لهذه التقنيات التي حملت معها التغيرات وأضافت تفاصيل جديدة على الحياة العربية بسلبياتها وإيجابياتها وقدرتها على التغلغل في التفاصيل الحياتية الدقيقة للإنسان العربي، خاصة بعد أن اصبح الإنترنت احتياجًا حياتيًا يُضاف الى المأكل والمشرب، ويبقى التذكير بأن الحكم على شيء بسلبيته أو إيجابيته يتوقف على المستخدِم لا المستخدَم، فهو الذي يقرر طريقة الاستخدام وعوائدها الضارة والنافعة بعمله وباستخدامه لها.