أحمد يغنانتهت محادثات فيينا التي حضرتها 17 دولة من بينها الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وإيران والسعودية وتركيا وقطر، وعلى الرغم من أن المحادثات أكدت أن سوريا هي وحدها التي تمتلك العملية السياسية وأن الشعب السوري هو من يحدد مستقبل بلاده إلا أن القرارات والنقاط التي تم الاتفاق عليها لا تعبر عن طموح السوريين وأهداف ثورتهم.ففي الوقت الذي كان فيه المجتمعون يتداولون الأزمة السورية على الطاولة باحثين عن الحلول متناسين الأسد سبب ما وصلت إليه من دمار كانت الطائرات الروسية والسورية تجول في السماء السورية حيث قتل ما لا يقل عن مئة شخص في ذلك اليوم من يبنهم نساء وأطفال.وبدلا من الاتفاق على رحيل الأسد عن السلطة ومحاكمته أكد المجتمعون في فيينا أن هوية سوريا علمانية في محاولة لحرف مسار إرادة الشعب وإخراج الوطن السوري من هويته ودينه وثقافته، فصار واضحا أن في فيينا يمكن الاتفاق على كل شيء سوى رحيل الأسد، وفي لقاء صحفي مشترك جمع جون كيري والمبعوث الأممي ستيفان دي مستورا ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف صرح الأخير أن المجتمعين ناقشوا وقف إطلاق النار في سوريا لكنهم لم يتوصلوا إلى حلول ولم يتفقوا على مصير الأسد، وأنهم اتفقوا جميعا على ضمان وحدة سوريا وعلمانيتها والحفاظ على مؤسسات الدولة فيها، إضافة إلى محاربة تنظيم “داعش” والمنظمات الإرهابية. وربما تكون عبارات كيري الذي عبر عن تفاؤله قبيل الاجتماع هي الأوضح عندما صرح في المؤتمر الصحفي الختامي أن الأطراف الرئيسية لحل النزاع اتفقت على ألا تتفق حول مصير الأسد.إن اجتماع فيينا الأخير يعكس بوضوح خلافات الدول الكبرى حول الملف السوري الذي لا يمكن التوصل إلى حله إلا بتقديم التنازلات من جميع الأطراف المتحاورة، ويبدو أن الأطراف السورية على مختلف اتجاهاتها وميولها وأهدافها غير معنية بالاجتماع ولا أحد يلتفت إليها، مما يدل على أن القضية خارجة عن يد النظام ولا رأي له فيها غير التنفيذ وكذلك حال المعارضة السياسية، فالحكم للدول المتصارعة الباحثة عن مصالحها والمدافعة عن وجودها، وهي التي تقسم الكعكة وتختار من سيأكل منها ومن سيبقى جائعا.وفي ظل هذا التعقيد الحاصل للمشهد السوري وانقسام المعارضة انقساما كبيرا، وعدم اتفاق الدول الكبرى على صيغة توافقية لإيقاف الحرب ورحيل الأسد، ووصول القضية السورية إلى طريق مسدود، ربما يجعل مجرد عقد مؤتمر جينيف وجلوس الأطراف على مائدة الحوار نجاحا وخطوة أولى على طريق الحل. وطبعا مع غياب الشعب السوري الذي يقتل كل يوم على يد الأسد والميليشيات الشيعية اللبنانية والعراقية والطائرات الروسية، ومع تناسي مطالبه بالحرية والعيش الكريم.