أنس قدور
تشتهر محافظة إدلب بكثرة حقولها المزروعة بأشجار الزيتون، حيث يعتمد معظم سكانها في مصدر عيشهم على زيت الزيتون الذي ينتظر موسمه مئات العوائل لتأمين حاجاتهم المعيشية من شراء أساسيات المواد الغذائية والتدفئة اللازمة لفصل الشتاء.
صحيفة حبر التقت رئيس المجلس المحلي لقرية النقير (مصطفى أبو محمد) الذي حدثنا عن معاناة المدنيين من عدم الوصول إلى حقولهم لجني ثمار الزيتون بقوله: “إن الحرب التي تشنها قوات النظام على ريف أرياف إدلب منعت مئات المزارعين من الوصول إلى حقولهم من أجل قطف ثمار الزيتون الذي ينتظره الأهالي من العام إلى العام الذي يليه، وهذا الشيء عزز حالة الفقر لدى الناس وزاد على ذلك غلاء المعيشة في كافة المناطق المحررة.”
وأضاف أبو محمد أن “قرى ريف إدلب تتعرض لقصف مدفعي وصاروخي ممنهج ويومي، ما حال بين المزارع وحقله الذي بات جاهزًا للقطاف، إذ إن شهر تشرين الأول هو موعد اعتاده السوريون في محافظة إدلب للخروج كبارًا وصغارًا لجني محصول الزيتون.
ولدى وقوفنا مع (أبو إبراهيم) أحد مزارعي الزيتون الذي أصبح في مخيمات النزوح قال: “إن خوفهم من طائرات الاستطلاع التي لا تفارق الأجواء جعل الكثير من العمال يمتنعون عن العمل في المناطق القريبة من تمركز النظام، لأن ذلك يعرضهم لضربات المدفعية، لاسيما أن الزيتون ليس كغيره من الثمار، فهو يحتاج إلى تجهيزات عديدة مثل السلالم والقماش وتنظيف الأرض تحت الشجرة، إضافة إلى الأعداد الذي تحتاجها شجرة الزيتون من العمال وهي ليست بقليلة.”
وأضاف أبو إبراهيم أن “حقول الزيتون في القرى القريبة على النظام باتت كالأدغال من كثرة الأعشاب اليابسة فيها، بسبب طول فترة النزوح والانقطاع عنها، حيث إنها تحتاج إلى خدمات عديدة كالتنظيف تحت الأشجار وحراثتها بشكل شهري وسقايتها قبل القطاف، وهذا جميعه غير موجود هذا العام لكثرة القذائف على القرى والمزارع.”
وأشار أبو إبراهيم إلى أن محصول الزيت لديه في السنين السابقة تجاوز ١طن، أما السنة الحالية فأشجار الزيتون في أغلب حقول محافظة إدلب ازداد حملها لكثرة الأمطار في السنة الماضية.
ونوه فواز أبو محمد الذي يعمل مع الدفاع المدني إلى أن “الحقول أصبحت مليئة بالقنابل العنقودية التي لم تنفجر، وهي متناثرة بين الأعشاب اليابسة تحت الأشجار، ويقوم الدفاع المدني بتحذير المدنيين من الاقتراب فيتعرضوا للخطر، فهي تنفجر باللمس أو المشي عليها بعض الأحيان.
علاوة على ذلك فإن صعوبة المواصلات تشكل عبئًا كبيرًا على المزارعين، فنقل العمال يحتاج إلى أجورًا كبيرة، وكذلك نقل الزيتون إلى المعاصر التي أصبحت بعيدة جدًا يحتاج أجور نقل إضافية، فضلاً عن أسواق التصريف التي أصبحت محصورة بالتصدير إلى الداخل التركي، أو تهريب بعض الكميات القليلة إلى مناطق سيطرة النظام عن طرق معبر عفرين، وباقي المحصول يُستهلك ضمن المناطق المحررة بسعر زهيد لا يتجاوز ٨٠٠ ليرة سورية لكل كيلو غرام من الزيت الصافي على ألَّا تزيد نسبة البروكسيد فيه عن ١٨%.”
وشهدت محافظة إدلب الأسبوع الماضي مقتل رجل وزوجته أثناء توجههم إلى حقولهم لقطاف الزيتون في ريف جسر الشغور غرب إدلب، وذلك باستهداف الجرار الزراعي الذي يقلهم بصاروخ حراري موجه من قبل قوات النظام في الأماكن المحيطة.
ويستمر نظام الأسد باستهداف القرى والبلدات في أرياف محافظة إدلب بعشرات القذائف المدفعية والصاروخية التي تحصد المنازل السكنية وتحرق الممتلكات، بهدف استمرار التهجير القسري للمدنيين وضمان عدم عودة النازحين إلى منازلهم من أجل إخلاء المنطقة من أي عنصر بشري يذكر.