بقلم رئيس التحريرتشابكت الأزمات التي على باراك أوباما أن يفك معقدها ويضع حلولا لما استعصى منها، بحيث يبقى الشرق غير خارج عن السيطرة الأمريكية، ففي هذه المنطقة العصية المشتعلة بالأحداث الجديدة والتقلبات مشاكل تمثل تحديا كبيرا، من ذلك تحولات السلطة وسقوط أنظمة وصعود غيرها، وحلول فراغات سياسية في بعض البلدان الأمر الذي أدى إلى ملئها من قبل مجموعات تنظر إليها الإدارة الأمريكية بعين الشك والريب أو مصنفة تحت قائمة الإرهاب، فالدولة الإسلامية اليوم تسيطر على مساحات شاسعة من سورية والعراق وليبية وتقرع أبواب الأردن، ولها خلايا نائمة وغير نائمة في البلدان العربية والأوروبية، وها هي عملية باريس الأخيرة تثبت أنها تستطيع الوصول إلى أبعد مما يمكن أن يتخيله الساسة، وإضافة إلى ذلك فإن إيران تثير المشاكل في بلدان الخليج، وتوجه عملاءها ليثبتوا أقدامها في سوريا ولبنان.لقد حاولت أمريكا من خلال الاتفاق النووي أن تفك خيوط العقد الإيرانية و تحدد أهدافها، ولذلك لعبة لعبتين: الأولى سياسية باستخدام الوجه الضاحك في فيينا، والثانية عسكرية باستخدام الوجه العابس في اليمن من خلال عاصفة الحزم التي نعتقد أن الولايات المتحدة هي المتحكمة بها وهي من أعطت منفذيها الضوء الأخضر وهي الداعمة الحصرية للحملة، فقد قدمت الدعم للتحالف العروبي الذي لم يوجه على النحو الصحيح، وهي بذلك واقعة بين خيارين أحلاهما مر كما يقال، الأول هو الوقوف إلى جانب إيران باعتبارها حليفا قويا ضد الجماعات السنية الموصوفة بالمتشددة بحسب المعجم الأمريكي، وبذلك تثير قلق حلفائها الذين يصورون للناس أنهم حماة السنة في المنطقة، وتخسر رصيدا كبيرا في المملكة السعودية وبلدان الخليج، والخيار الثاني هو خسران ورقة إيران في مواجهة الدولة الإسلامية التي تحقق شعار (باقية) على الرغم من الإجراءات الصارمة.لذلك كله نرى أن عدم صدور قرارات خاصة بتوجيه ضربات عسكرية من قبل أمريكا إلى نظام الأسد يعود إلى مراعاة شعور السيدة إيران، وتجنبا لحدوث مشكلة جديدة إلى جانب المشاكل الكبيرة التي هي أخطر من إيران على أمريكا بألف مرة، ونقصد الدولة الإسلامية وتنظيم القاعدة في بلاد الشام الممثل بجبهة النصرة.فالوضع كما نرى يجعل أوباما يميل كل الميل إلى عدم التدخل في الشؤون الخاصة بين النظام السوري المجرم وبين الشعب الذي يقتل كل يوم على مرأى العالم، وبسبب ذلك أيضا تغيب الرؤيا الواضحة للبيت الأبيض ويغيب السيناريو الذي يعتمد على جدول زمني، لأن واشنطن لا تريد كما قررنا إغضاب إيران التي تعد الأسد واحدا من أبنائها البررة.ونؤكد هذا الفكرة عندما ندرك حجم القوة التي امتلكتها إيران عقب الاتفاق النووي في فيينا الذي سمح لها بفك القيود الاقتصادية التي كانت مفروضة عليها، وهذا يعني أيضا منح السياسة الإيرانية مزيدا من القوة والتحدي، ويقوي افتراضية تبني الولايات المتحدة منهج الانسحاب من المعركة المباشرة وإدارتها عن بعد، والسكوت عن جرائم الأسد اليومية بحق الشعب السوري، ولينس السوريون المقولات التي كان أوباما يغزلها من بعيد (يجب على الأسد أن يتنحى)، فقد أصبحت من التاريخ القديم.