هناء غزوان |
(ريم) ربة منزل تعمل بلا كلل على ماكينة خياطة لتعيل أسرتها مع زوجها في ظل هذه الظروف العصيبة، وهي أم لطفلين الأول عدي بعمر ست سنوات وملك ابنة الأربع سنوات، وهما طفلين كثيرا الحركة والنشاط، كمعظم الأطفال، في العبث بالمنزل ودائماً ما يتسببا بأضرار أثناء حياكة أمهم للقمة عيشهم، غير أن عدي كاد يتسبب بكارثة لأسرته.
اعتادت ريم على إعطاء طفلها عدي جوالها من أجل أن يركن مع أخته دون أذى أو ضجيج، وليكونا تحت أنظارها، حيث يلعب عدي ألعابة الحربية المفضلة وأشهرها لعبة (البوبجي) ذات الانتشار الواسع بين فئات الشباب والأطفال، إلى أن دخل زوج ريم إلى المنزل كعادته مستلقياً إلى جانب أطفاله ريثما تحضر ريم له ولطفليه الطعام، فسمع صوتاً من هاتف ريم يخاطب طفله عدي أين أمك ريم؟!
لم يتمالك الزوج نفسه، فأخذ الهاتف من طفله وأغلقه وهم إلى زوجته بغضب الشك والغيرة ليسألها من هذا الذي يعرف اسمك؟ ومتى كنت تلعبين بهذه الألعاب؟
بعد أخذ ورد وتدخل أهل الحكمة وتعرف الزوج للعبة بشكل أقرب أقر الزوج بخطئه وعرف أن عدي أجاب أحد اللاعبين ببراءته على سؤال خبيث من قبل لاعب قذف به القدر ضمن فريق عدي بلعبة البوبجي وذلك عن اسم أمه، حيث من المفترض أن يكون الشات الصوتي وسيلة للتعارف والتنسيق في اللعبة، غير أن النفوس المريضة استغلت هذه اللعبة في مآرب غير أخلاقية كادت تهدم بيت أسرة بعبث متطفلين قذرين.
وفي حادثة أخرى تحدثت (أم يوسف) عن تجربتها مع طفلها بعد أن أيقنت إدمانه على لعبة مفري فاير) المشابهة تماماً للعبة البوبجي، وقررت أن تراقب طفلها وتساعده على الإقلاع عن هذه اللعبة تدريجياً، حيث خصصت له ساعات محددة يومياً وبدأت تنقصها بشكل تدريجي، وخلال مراقبتها لطفلها تحدثت أم يوسف عن كوارث تظهر للأطفال على تلك الشاشة الصغيرة، حيث ينتشر السباب و الشتم في كروبات اللعب الجماعي في حال رفض المساعدة أو الخسارة من قبل بعض أعضاء الفريق، بالإضافة إلى أداء حركات جنسية بين اللاعبين متعارف عليها بين البالغين منهم.
إضافة إلى ذلك قالت أم يوسف: إن ابنها بدأ استخدام أساليب عنيفة مع أخيه الأصغر ومع أقرانه أثناء اللعب، حتى إنه عند خروجه كثيراً ما يعود للمنزل ومعه مجسمات الأسلحة التي يستعملها في ألعابه التي يصنعها من أغصان الأشجار وبعض الخردة.
إن المشكلات التي تفرزها هذه الألعاب على أطفالنا واليافعين في مجتمعنا ذات خطورة كبيرة، فقد كثرت زيارة الأطفال للعيادات العينية بينما من المعروف أن مرضى هذه العيادات هم من كبار السن، ونادراً ما يزور الشباب والأطفال هذه العيادات إلا أن استخدام الأطفال للهواتف عن قرب دون وعي في تخفيف درجات الإضاءة ولفترات طويلة جعل من فئة الأطفال واليافعين زوارًا جددًا لعيادات العينية.
هذه الألعاب التي غزت بيوتنا من خاصرتنا الضعيفة رغممن وضعها لخيار تجاوز سن ال12 سنة قبل تفعيل اللعبة، إلا أنه يمكن تجاوزها بسهولة ولا يضمن الحفاظ على أطفالنا إلا المراقبة الآنية والمستمرة، ويجب علينا عدم الاكتفاء ببرامج الدعم النفسي للأطفال بل تطبيق برامج حماية الطفل وإشراك الأهل بهذه البرامج من خلال تعريفهم بمخاطر ذلك وزيادة الوعي بشكل أكبر.
كل أب و أم قد يستطيعان إسكات ضجيج الأطفال من خلال منحهم الأجهزة اللوحية والهواتف، لكن ذلك سم بطيء يستشري في عقولهم ونفسياتهم وبناء شخصيتهم وقد يتسبب بتحطيم الأسرة، فالحذر الحذر. حذرين!