عبد الملك قرة محمد |
شهدت الجامعات السورية في المناطق المحررة تطورات كثيرة هذا العام لا سيما بعد افتتاح جامعات تركية لأول مرة في الشمال السوري.
صحيفة حبر التقت العالم السوري الدكتور (جمال أبو الورد) للحديث عن حاضر الجامعات في المناطق المحررة ومستقبلها، وهل يمكن لهذه الجامعات أن تحظى بالاعتراف العالمي؟
دكتور جمال أنت عالم سوري مشهور، برأيكم كيف يمكن أن نشجع الطلاب السوريين على دخول ميدان الاختراع رغم ضعف إمكانيات المخابر في الجامعات السورية؟
“الإبداع سمة متأصلة في الحضارة الإسلامية والعربية، وهو ظاهرة معروفة عند السوريين لا سيما بعد ابتكارهم لأساليب تتماشى مع الظروف التي فرضتها عليهم آلة الحرب والإجرام.
ونحن نستطيع تشجيع الابتكار في الجامعات عن طريق غرس التفكير الإبداعي قبل توفير المخابر.
فلكي نواكب التسارع المعرفي لا بد أن نقيم علاقات مع جامعات خارجية وهذا ما نسعى إليه، أو نستفيد من دعم المنظمات حتى نؤمِّن بعض الدعم للمخابر”.
هل من الممكن أن تحدثنا عن جهودك في دعم الجامعات السورية ومحاولة تأمين اعتراف بها؟ أين وصلتم في هذه الخطوة؟
” عندما كنت مكلفاً بمهمة معاون وزير التعليم العالي للشؤون الخارجية والبحث العلمي، وحتى بعد تقديم استقالتي وأنا أحمل همَّ الاعتراف وأتواصل مع جهات رسمية وعلمية وأرفع الكتب والطلبات إلى رئاسة الجمهورية والسادة المستشارين وورشات العمل الأكاديمية، من أجل تأمين مستقبل طلابنا في الشمال السوري المحرر.
“كنت أسمع من إخوتنا الأتراك أن هناك خطوات إيجابية مستقبلية ستصدر بخصوص التعليم العالي في الشمال السوري المحرر.”
وأضاف الدكتور أبو الورد: “وجهت كتابًا رسميًا إلى السيد الرئيس رجب طيب أردوغان، طلبت فيه أن يصدر قرارًا سياسيًا وبتوجيه من سيادته لمجلس التعليم العالي التركي، كي يكون هناك خطوات إيجابية في مجال التعليم العالي وتأمين مستقبل الطلاب، وتم تسليم كتاب للسيد مراد أردوغان موجه للسيد رئيس الجمهورية يخص واقع التعليم العالي في الشمال السوري المحرر.”
وأكد العالم أبو الورد: “ملف التعليم العالي منذ أشهر وهو على طاولة الرئاسة التركية من أجل دراسته، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يتمم بالخير وتكلل الخطوات بالنجاح لما فيه خير أبناء شعبنا.”
ما هي المشكلات التي تواجه الجامعات السورية وتقف عائقاً أمام تأمين الاعتراف أو تأمين دعم بإمكانه تحسين التعليم العالي في مناطقنا؟
“المشكلة الأولى عدم الاعتراف، وأرى أن تأمين الاعتراف أصبح قريباً أكثر من أي وقت، ومن المشكلات أيضاً التشتت بين جامعة حلب وإدلب ووجود مجلسي تعليم، وهذا أحد السلبيات التي أخبرنا بها الأتراك أكثر من مرة، لذلك أدعو دائمًا لتوحيد الجامعات ومجلسي التعليم في المناطق المحررة، كما أؤكد أنه لا فرق بين جامعة حلب وجامعة إدلب، فكلا الجامعتين تملكان خطة درسية واضحة، بالإضافة إلى مدرسين على مستوى عالٍ من الأكاديمية.
أضف إلى ذلك أننا في زمن حرب، وتحقيق الشروط العالمية للاعتراف صعب جداً، لذلك فقد نصحنا عدد من الأكاديميين والمستشارين الأتراك أن الأمر يجب أن يحل بقرار سياسي صادر من رئاسة الجمهورية للاعتراف بشهادة الجامعات في المناطق المحررة.”
ما رأيكم بمسيرة الجامعات في المناطق المحررة؟
“هناك أمور إيجابية وسلبية، وأنا أكدت أكثر من مرة أن الجميع يجب أن يتعلم من تجربة التعليم في سورية، كما يجب تدريس هذه التجربة في أكبر جامعات العالم ونحن نقول: إن أكبر واعرق جامعة العالم لها الشرف أن مذكرة تفاهم مع جامعة حلب وإدلب أو أي جامعة ذات مصداقية في المناطق المحررة؛ لأنها جامعات أثبتت جدارتها وتقاوم من يريد أن يطفئ نور التعليم.”
كيف يمكن أن نرفع السوية العلمية في هذه الجامعات؟
“نستطيع أن نرفع السوية العلمية للجامعات السورية من خلال توفير الكادر التدريسي وتجاوز النقص في جامعة حلب وإدلب، كما يجب أن يكون هناك رؤية واحدة مشتركة من أجل إعادة هيكلة التعليم العالي في المناطق المحررة.”
كيف ترون الخطوة التركية في افتتاح جامعات تركية معترف بها في المناطق المحررة؟ وهل يمكننا اعتبارها بوابة لتحقيق أحلام الطلاب السوريين؟
“افتتاح جامعة غازي عنتاب خطوة جيدة لطلابنا، وهناك توجه تركي إيجابي لمساعدة الطلاب السوريين، لكن بداية يجب أن نساعد أنفسنا، ومن خلال منبر (صحيفة حبر) أتوجه إلى كل الأكاديميين بطلب هو أن يكون هدفنا توحيد الجهود وبناء سورية بعيداً عن الأفكار المحدودة.
وأنا أتوقع أن تقوم جامعات تركية جديدة بافتتاح فروع جديدة سواء ضمن مناطق نبع السلام أم إدلب، وأرى أن إدلب لن تُدنس بأقدام الطغاة والنظام، وهناك خطة قريبة وتوافق دولي على عودة الحياة إلى إدلب ونتمنى أن تكون إدلب بوابة لتحرير كل المناطق السورية.”
هل تشجع الطلاب السوريين على التسجيل في الجامعات التركية؟
“أشجع الطلاب السوريين على دخول الجامعات التركية المفتتحة في الشمال المحرر كونها جامعات معترف بها.”
كيف ترى ارتفاع عدد الجامعات في المناطق المحررة؟ هل هو أمر سلبي أم إيجابي ولماذا؟
“نحن مع كل خطوة تساهم في نشر العلم، لكن يجب الانتباه إلى أمر مهم وهو أن جامعتي حلب وإدلب عريقتان وهما مدرجتان، لكن المشكلة وجود جامعات خاصة تستغل الطلاب، لذلك ننصح الطلاب عند التسجيل بالجامعات أن يطلبوا إثبات الاعتماد ووثائق الاعتراف وترتيب الجامعة كي لا يذهب عناؤهم سدى.”
بعض الطلاب في الداخل يحتارون في اختيار الجامعة المناسبة في المناطق المحررة ظناً بأن أحدها مرشحة للحصول على الاعتراف أكثر من الأخرى ما رأيكم؟
“الطالب السوري حقيقةً أثبت وجوده، خاصة أن الأوائل في الجامعات التركية هم طلاب سوريون، وأنا أرى أن مسألة الاعتراف هي مسألة زمن، فبعد عملية نبع السلام سيكون استقرار، وسيتم النظر في وضع جامعتي إدلب وحلب، ولا يوجد تمييز بين الجامعتين أو أي جامعة خاصة ذات مصداقية.
وربما يتم وضع جامعتي حلب أو إدلب ضمن الجامعات التركية أو تحت الإشراف التركي، وهناك دراسة تخص هذه الموضوع، لكن الجامعات الخاصة التي لا تملك مصداقية قد لا تدخل ضمن هذه الاعتراف في المدى القريب.
وأؤكد أنه عندما يتم بحث ملف الاعتراف لن يتم التفريق بين جامعتي حلب وإدلب، لذلك فلا مشكلة في تسجيل الطالب في أي منهما.”
ما هي الرسالة التي توجهها إلى طلاب وأكاديميي المناطق المحررة في نهاية حديثكم مع صحيفة حبر؟
“في النهاية أتوجه بالتحية للطلاب السوريين الذين التزموا بواجبهم تجاه بلدهم، ونؤكد أننا يجب أن نساهم جميعاً بخدمة هذا الصرح العلمي، كما أتمنى أن يكون هناك تعاون بين مجلسي التعليم في حكومة الإنقاذ والحكومة المؤقتة، وأن تكون مصلحة الطلاب همهم الأول بعيداً عن التجاذبات.”