بقلم الشيخ السكريهذا المقال ليس إعادة إنتاجٍ لكتاب الأشباه والنظائر، وليس تحليلاً له أو اختصارًا، بل مقالنا هذا نظرة إلى الواقع الذي نعيشه مع بعض المقارنات.1- الحكم والديمقراطية: تطبِّل دول العالم وتزمِّر بالديمقراطية، وتشنِّع على غير المتدقرطين من الحكام، وتمتلئ الدنيا زعيقًا عند اكتشاف بعض التجاوزات (على الديمقراطية) في أي بلد من بلدان العالم، ومن أكثر الدول ديمقراطية في العالم إسرائيل وأمريكا وروسيا وإيران. كل هذا حتى الآن حلو، أمَّا شبيه هذا الحلو فهو أنَّ الفلسطينيين اختاروا -عن طريق تلك الديمقراطية نفسها التي يزعمون-حركة حماس لتحكمهم في الأرض الفلسطينية المحتلة، وكانت العملية الديمقراطية في فلسطين هي الأنزه على مستوى العالم باعتراف المراقبين الدوليين وقتها، فأين ذهبت الديمقراطية العالمية بالنسبة إلى فلسطين حتى ترفض حكومات العالم التعامل مع حماس على أنَّها حكومة ذات أغلبية شعبية؟ أليس هذا ممَّا يدفعنا للشعور بمرارة تلك الديمقراطية؟ ألا قبّحت الديمقراطية وقبّح النابحون لها.2- الانفصال والديمقراطية: حصلت معارك عنيفة راح ضحيتها آلاف القتلى على أرض السودان، لأنَّ حكومة الخرطوم (غير الديمقراطية) لها ميل إلى الحكم ببعض القوانين المأخوذة من الإسلام، وأهل جنوب السودان يريدون حكمًا مسيحيًا، وبعد سنوات طوال من الحرب الداخلية وتدخل الطيران الإسرائيلي عدة مرات وتدخل الأمم المتحدة لصالح دعاة الانفصال، وافق الرئيس السوداني عمر حسن البشير على استفتاء لسكان الجنوب، وقبل بالنتيجة الطبيعية التي كانت انفصال الجنوب، وكان أوَّل علم يرفع في دولة جنوب السودان هو علم الصهيونية مباركة العمل الانفصالي الناجح. وقريب منه ما حصل في شمال العراق (كردستان العراق). وقريب منه ما يحصل الآن في اليمن بين الشمال والجنوب والحوثيين. نكرر أنَّ هذا إلى الآن حلو، أمَّا شبيهه: فأين ذهبت الأمم المتحدة التي أصدر مكتبها الأمني مذكرة اعتقال بحق الرئيس السوداني بسبب مشكلة جنوب السودان؟! لماذا لم تفرض قيودًا على مملكة بريطانيا التي تحتل دولة اسكتلندا منذ عشرات السنين وقد قام الشعب يطالب بانفصاله عن بريطانيا؟! بل وأين اختفى الطيران الصهيوني؟! لماذا لم يكن عونًا لدعاة الانفصال فيقوم بضرب مواقع عسكرية لبريطانيا على أرض اسكتلندا على الأقل؟! كيف استطاعت الديمقراطية أن تقتطع شبه جزيرة القرم عن دولة أكرانيا خلال أسابيع قليلة وتلحقها بدولة روسيا القيصرية التي تبعد عنها ألاف الكيلو مترات، رغم احتجاج كثير من الدول مثل أمريكا، ولم تستطع هذه الديمقراطية أن تساعد الأسكتلنديين على الحصول على استقلالهم؟! ألا قبحت هذه الديمقراطية أيضًا وقبح الناهقون لها.3- التحرر والديمقراطية: داخل حدود إحدى الدول الآسيوية وقريبًا من روسيا قامت بعض المظاهرات تطالب بالحصول على حق تقرير المصير من خلال الاستقلال، وفعلاً تداعى أولئك القوم وأعلنوا دولة مستقلة باسم (أستونيا)، وتلقت الدولة الوليدة تهديدًا من الدولة الأم بحرب شاملة للقضاء على دعاة الاستقلال، فسارعت روسيا إلى الاعتراف بتلك الدولة الوليدة وحشدت حشودًا عسكرية وخاضت حربًا كسرت بها شوكة الدولة المعادية المحتلة، وتوالت الاعترافات الدولية بتلك الحكومة والدولة الناشئة. ونكرر أيضًا أنَّ كلَّ هذا حلو، بل إنَّ حلاوته لها رائحة تفوح فتزكم منها الأنوف، وشبيه هذا: قامت في سورية الشام مظاهرات تطالب بإزالة حكم الاحتلال النصيري الإيراني عن هذه الأرض الطاهرة، فلماذا لم نسمع صوتًا واحدًا على الأقل يدعو إلى تسليح الثورة ويطبِّق ذلك؟! فنحن لا نريد رجالاً بل نريد سلاحًا، وأسوأ منه أنَّ دعاة الديمقراطية ومُشِيعي حق تقرير المصير هم من يدعم بقاء حكم الطغمة في سورية، وأسوأ ممَّا ذكر جميعًا أنَّنا نحن أصحاب الأمر لم نتفق إلى الآن على حكومة في الداخل السوري المحرر تقود الحرب وتسوس البلاد رغم أنَّ كلَّ الثوار يقولون نريد رفع راية الإسلام والحكم بما أنزل الله.تعسًا لعالم تحكمه الأهواء، ولا يعرف من الحق إلا ما وافق ملذاته. و(سيعلم الذين ظلموا أيَّ منقلب ينقلبون).