لا يقتصر شتاتنا اليوم على الأرض التي نهجُرها وتهجُرنا، أو البلاد التي نُرحَّل منها ونرحلُ إليها، ولا على الخيام التي لا تقدر على إيواء ما تكشف من خساراتنا المتلاحقة.
ليس عجيباً أن نعاني الشتات في كل شيء، فلم نكن يومًا بعد الصرخة الأولى على قلب رجل واحد، عشنا مشتتين، لا نقبل أن نضم بعضنا، ولا يريحنا كتف نستند إليه، وقبل أن نوجه بندقيتنا إلى صدر عدونا نُنهكها في صدور كل الواقفين حولنا، وقعنا على رأسنا ونحن نجتاز طريق الحرية في خطواته الأولى ومانزال منذ ذلك اليوم نعاني صداعًا ودورًا وشتاتاً لا يقدر أحد على جمعه.
قرأت على حائط أحدهم “أن الثورة يقتلها أبناؤها، يعتقدون أن اعتراضهم على الدول والائتلاف والهيئة والآستانيين عبر الفيس هو فعل ثوري.. نِصف ثوارنا اليوم يمارسون ثورتهم على تركيا وقطر، والنصف الآخر على السعودية والإمارات، والكل مجتمعون على كل أركان المعارضة … نعم الثورة في حالة موت سريري، ولن تُشفى إلا بمعجزة الإرادة والمبادرة الإيجابية وهجر التراشقات”.
للأسف يبدو هذا الكلام صحيحاً جداً، لا أدري كيف يستقيم هذا الأمر، كيف نمارسه دون أن نشعر، أيُّ شتات وضياع نعيشه عندما نشعر أننا نمتلك الوقت لنوجه ولو كلمةً واحدة خارج أسوار النظام ونحن في حرب مستعرة معه؟!
أعتقد أننا لن ننتصر على النظام أبدًا إلا عندما يعود هو فقط ليكون عدوًّا وحيدًا للجميع، وطالما نصنع أعداءً خارج دائرة النظام ونضيع جهدنا في حربهم، وفي السباب والشتائم وتلقط السقطات لننشغل بها على السوشل ميديا وكأنها قضايانا الأساسية فسنكون ضعيفين جدًا لنواجه النظام ككتلة صلبة واحدة.
معركة النصر تحتاج رصَّ الصفوف في كل الميادين، تحتاج أن نؤجل حروبًا كثيرة لننتهي من هذه الحرب التي ستقضي علينا جميعًا إن لم نواجهها كرجل واحد، نحتاج ألَّا نضيع ساعة ونحن ننتقد مسارات ومفاوضات ومعارك خاسرة وقادة جبناء كان شتاتنا السبب في وجودهم.
نحتاج أن نضرب في اتجاه واحد إذا أردنا أن ننتصر …
المدير العام | أحمد وديع العبسي